إعلان
إعلان

سفيربرس تعيد نشر حوار سابق مع الشاعر السوري الكبير الراحل شوقي بغدادي

#سفيربرس _ حوار : زياد ميمان 

إعلان

الشاعر السوري الكبير الراحل شوقي بغدادي الذي استضافني في بيته في منطقة المزة بدمشق وكان بينا حديث شيق وجميل تم نشره عام 2008 على صفحات وكالة أنباء الشعر في أبوظبي لكن لم يعد الحوار موجودا بسبب تحديث موقع الوكالة وهو كان بمثابة انطلاقة جديدة لي في عالم الإعلام وتم نشر الحوار يوم الاحد 25/5/2008 وقد عنونته بـ :
اعتقلوني وسجنوني في بيروت بعد إلقائي قصيدة
الأديب العربي السوري شوقي بغدادي ينشر ديوانه الشعري الجديد بعد بلوغه الثمانين عاماً ويتحدث  عن مشواره الطويل مع الشعر.
من أعلام الأدب في سورية ومن الرعيل الأول الذي عاصر الكثير من الأجيال، كانت حياته مسرحاً للأحداث التي جرت فاختزن منها الكثير الكثير، وأنتجت موهبته أدباً معاصراً لهذه الوقائع التاريخية الطويلة ومطّعِماً إياهاً بمخيلة مبدعة ليضفي عليها رونقاً أدبياً مميزاً وقبل البدء بالمحاورة قال لي بلغت من العمر ثمانين عاماً وأنشد قائلاً :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبالك يسئم
عندما دخلت بيته اعتراني إحساسُ غريب أنني أدخل بيت أديب كبير، كانت الكلمة الجسر الذي أوصله لهذه المكانة بين الأدباء والمثقفين، وبدء الحديث وأنا تواق لأسمع منه الكثير عن حياته وعن شعره وأدبه فقلت له:
أستاذ شوقي نتشرف نحن في وكالة أنباء الشعر العربي أن يكون لنا معكم هذا اللقاء الخاص فحبذا لو تحدثنا عن بدايتك الشعرية والأدبية ؟
بدايةً أشكركم على هذه المبادرة الجميلة، وهذا شيء عظيم أن نجد من يهتم بالفكر والثقافة والأدب والشعر، في وقت انصرف الإعلام ليلهث وراء الغناء الهابط والرقص الماجن، ووجود وكالة أنباء للشعر والأدب العربي أمر يبشر بالخير ويطمئنني على أن الشعر والأدب والثقافة ما زالوا بخير ولهم من يهتم بهم.
البراعم
وأستطيع القول بأننا لو فتشنا في أوراقي القديمة لوجدنا ديواناً شعرياً مكتوباً بخط يدي، مؤلف من عدة قصائد شعرية وله غلاف منسق ومنمق وأطلقت عليه اسم البراعم وكان ذلك في الثانية عشر من عمري، وأجد بأن الموهبة تولد مع الإنسان فنحن سبعة إخوة لا يوجد بينهم أي شاعر أو كاتب وهذا يدل على دور الموهبة في تأسيس شخصية الفرد، ففي سن مبكرة ألقيت قصائد شعرية موزونة أثناء تحية العلم في المدرسة فكان المعلمون يضعون لي كرسياً لأقف عليه لأنني كنت قصير القامة وحتى يشاهدني كل الطلاب فألقي قصيدة وطنية في تحية العلم مع أنني لم أتعلم وزن الشعر على يد أي معلم إنما التقطه من القصائد التي كنا نأخذها في دروسنا.
هل كنت تلقى تشجيعاً من أحد؟
نعم كان أستاذ اللغة العربية يشجعني ويطلع على كتاباتي بشكل دائم ويسألني عن الجديد، وأيضاً كنت ألقى التشجيع من زملائي في المدرسة، عندما يحيط بك أصدقاؤك ويقدّرونك أكثر من السابق كونك تكتب الشعر فهذا شيء جميل ويجعلك واثق النفس دائماً.
متى نُشرت لك أول قصيدة أو قصة ؟
نشرت بعض القصائد والقصص القصيرة في الصحف المحلية وكان ذلك في عمر السابعة عشر، حيث كنت في المدرسة الثانوية وكانت هذه القصائد أو القصص تسمى قصيدة العدد أو قصة العدد بقلم شوقي بغدادي.
أستاذنا الكريم
عرفناكم تتقنون الكثير من الفنون الأدبية ولازلتم تكتبون إلى الآن ففي أي من هذه الفنون تجد شخصيتك أو تجد شوقي بغدادي؟
أنا أحتفظ بالكثير من المسودات ومكتوب فيها قصائد شعرية وقصص قصيرة، فأنا أهوى كتابة القصص القصيرة وأجد نفسي في هذا النوع من فنون الأدب كونها هوايتي وأحسها قريبة مني بشكل كبير، صحيح أنني هويت الموسيقا والرّسم لفترة معينة لكن القصة القصيرة والشعر بقيا معي حتى هذا التاريخ وأرى نفسي في قصصي القصيرة.
أنتم من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سورية وقبل ذلك رابطة الكتاب السوريين حدثني عن تلك الفترة فماذا قدم لك الاتحاد وماذا قدمت للاتحاد خلال مسيرتك الأدبية ؟
الاتحاد هو منظمة تهدف إلى تنشيط الحياة الثقافية في البلد، وكنت من المؤسسين لرابطة الكتاب السوريين ثم رابطة الكتاب العرب وكنت الأمين العام لها من 19582-1958 وكان لنا مقر ونشاطات، وفيما بعد تقرر إنشاء منظمة تسمى اتحاد الكتاب العرب وحصل ذلك في أواخر الستينات واجتمعنا لوضع الخطوط الأساسية كون لنا تجربة في السابق على أن يضم هذا الاتحاد شعراء وقاصين ونقاد وكتاب أدب الأطفال، وفعلاً تم تأسيس الاتحاد ونظم الأعضاء على شكل جمعيات مثل جمعية الشعر وجمعية القصة وغيرها، وتغذى بمعونة مالية من الدولة ولكنني تركت الاتحاد لفترة خمس سنوات سافرت للجزائر وقمت بتدريس اللغة العربية هناك، وعندما عدت وجدت الاتحاد قد تطور وأصبح له مقره جيد ونشاطات كثيرة ولكن اختيار الإداريين لم يكن بشكل انتخابي بل كانوا يعينون تعيناً وطالبنا بأن يكون مجلس الإدارة منتخباً وقمنا بانتخابات ورشحت نفسي لمجلس الاتحاد لعدة دورات وفزت فيها.
و يضم مجلس الاتحاد خمسة وعشرين عضواً يجتمعون كل ثلاثة أشهر ويختارون مكتب تنفيذي لإدارة الأعمال مباشرة.
الثقة بالنفس
لقد استفدت من الاتحاد أنه أعطاني ثقة بنفسي أكثر من السابق، ونشروا لي بعض كتبي إضافة إلى المؤتمرات الخارجية والندوات التي كنا نشارك فيها مع إخوتنا العرب ونتواصل معهم بشكل دائم وكل هذه فوائد لي واعتبرها مكاسب.
وأنا أعطيت الاتحاد من نشاطي الشخصي فعندما كنت ممثلاُ للاتحاد كنت أجهد نفسي لأظهر بصورة لائقة تعبرعن الاتحاد الذي أنا عضوٌ فيه و أقدم أفضل أعمالي وهذا اعتبره فائدة للاتحاد، ولكن توضح لي فيما بعد بأن فكرة تنظيم الكتاب في اتحادات ومنظمات غير صحيحة وإنما ترك للكاتب حرية الكتابة وإبداء الرأي ليقوم الكتاب بتنظيم أنفسهم في مجموعات صغيرة دون إشراف من أحد.
“الحداثة غلبتني”
في الشعر الآن ما يسمى النثر أو قصائد نثرية كيف ترون هذا النوع من الأدب؟
في البداية أنا كنت ضد أن يسمى هذا شعراً ولكن يبدو أن العصر والحداثة غلبتني والآن كتّاب هذا النوع أصبحوا يحتلون الساحة الأدبية ويقدمونهم في كلا مكان ودور النشر تنشر لهم، وهم مفضلون في أوروبا ويستدعونهم دائماً، والحقيقة أنني راجعت نفسي وتساءلت ما هو الشعر؟ عندما نسأل ما هو الرّسم أو ما هو النحت تبدو الإجابات أسهل وحتى نجيب على هذا السؤال يجب أن نعود إلى التاريخ القديم ونجد بأن أجدادنا العرب القدماء كانوا كلّما سمعوا كلاماً جميلاً يسمونه شعراً حتى أنهم اعتبروا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شاعراً عندما سمعوا القرآن الكريم منه.
فالناس معتادون على أيّ كلام جميل ذو إيقاع معين يسمونه شعراً ولكن التقاليد استقرت على أن الكلام الموزون والذي يحمل صوراً جميلةً وإحساسٍ معينٍ أيضاً يسمى شعراً
“البشرية مستعدة لاقتحام إيّ جديد”
وتعريف الشعر مع الزمن أيضاً تغير فالبشرية مستعدة لاقتحام كل جديد كما تسمع مثلا في الرّسم الآن مدارس مختلفة وهو عبارة عن لوحات فنية مختلفة الأشكال والألوان والمواضيع.
والبشر بغريزتهم يبحثون عن التغيير ويبتعدون عن الرتابة، فالتطورالعلمي والتقني جعل أوروبا أسرع في التغيير من البلدان النامية التي يسير التغيير فيها ببطءٍ شديد، ومن هنا ننطلق بأن هجوم الحداثة والتغيير المفاجئ ترك أثره عند الناس الذين استرخوا وتكاسلوا وبدؤوا يشعرون برتابة الوزن ورتابة القافية، وعندما كتبت سوزان برنار قصيدة نثرية وترجمت للعربية بدء بعض الكتاب يجربون حظوظهم بهذا النوع من الأدب.
أتلذذ بقراءة النثر
ومحمد الماغوط في تجاربه الأولى لم يسمي هذا شعراً إلا بعد أن صدر له بعض الكتب، والحق يقال أن الشعر بحاجة إلى تغيير دائم، وظهور هذا النوع من الأدب وكأنه سيل خرج من خزان ماء ضخم وانتشرت منه الكثير من السواقي، ومنها ما هو يحمل الطين والأوساخ والأعشاب اليابسة ومنها ما هو صافي ونقي وعذب حتى أنني أقرأ بعض قصائد النثر أتلذذ بها أكثر من القصيدة الموزونة.
وأنا متهم بأنني شاعر تقليدي ولكنني طورت نفسي نحو شعر التفعيلة، ولم اكتب بعد قصيدة النثر لأنني لم أجرؤ على مواجهاتها وأشعر بأنني غير قادر على كتابتها، لأن لها إحساس خاص وطريقة تعامل مع اللغة والمشكلة استسهل الناس هذا الموضوع بحيث لم يعودوا مطالبين بوزن أو قافية فأصبح بوسع الكثيرين كتابة هذا النوع من الأدب وكما قلت منه الجيد ومنه بمستوى الضعيف.

“نحن ساعدنا في ظهور العامية على حساب الفصحى”
قضيتم الكثير من عمركم في تدريس اللغة العربية وخدمتها ونلاحظ الآن استخدام اللهجة العامية في الإعلام وفي التعليم وغيرها ما هو دوركم أو دور المثقف العربي لحماية هذه اللغة ؟
كنت في الكويت منذ فترة وكان هناك نشاطٌ ثقافيٌّ وخصص جزء منه للّغة العربية ونحن لا ننكر بأن اللغة العربية لغة غنية جداً وأدوات التعبير فيها كثيرة جداً حتى أنها تتفوق على الكثير من اللغات بهذا الموضوع، فاللغة العربية لها شخصية مميزة وإيقاع معين يستطيع أي إنسان أن يطرب بها دون أن يعرفها، ولا ننكر أن بأن هناك صعوبات تواجهها بسبب الحداثة والتطور الذي حدث في مختلف المجالات ونحن بجمودنا ومطالبتنا بأن لا تمس اللغة ولا يطرأ عليها أي تغيير ساعدنا هذه الصعوبات فأصبح الآن طلاب كلية الطب يشعرون بالحاجة للكثير من المراجع الأجنبية مع أن التدريس بالكلية باللغة العربية، ونعلم بأن الطب يتطور باستمرار والأمراض وطرق المعالجة والأدوية تتنوع وكل تغيير يجب أن يرافقه مصطلح لغوي يسمى به.
“عاميات تُدّرس في البلاد العربية”
إن عدم استخدام اللغة العربية لفترة من الزمن في مسايرة التطور خلق صعوبات أمام المتعلمين الذين يتعلمون العربية، إضافة للعاميات التي ظهرت ومنها ما هو له قواعد وتفاجأت بظهور عاميات تدرس في البلدان العربية، وفي سورية ويوجد كتب لذلك وهناك أجانب يريدون تعلم العامية على حساب الفصحى وتكلم إعلامنا باللهجة العامية يساهم في الكثير من بعدنا عن لغتنا العربية.
مالعمل الآن هل نبقي اللغة العربية كما هي أم نساير العصر و نساير حركة الحياة وكيف تتم المسايرة ؟
هل تتم المسايرة بوضع لغة عامية ولغة فصحى؟ أم يجب أن تكون هناك لغة واحدة وبهذا المعنى اللغة الفصحى لا بأس أن يطرأ عليها بعض التغيير، وظهرت اقتراحات لتعديل اللغة العربية ساهمت فيها مجامع اللغة العربية ولكن لم تجرؤ الحكومات على تبني هذه المقترحات حتى الآن.
“البحث العلمي يحتاج لمصطلحات جديدة”
والتطور العلمي له دور كبير في موضوع اللغة، فمراكز البحوث العلمية لدينا قد توقفت وأصبحت مجرد بناء وإدارة، وفي العراق قضوا على كل محاولة لتطوير البحوث وفي مصر أيضا يطالبون بتطوير البحوث العلمية، و حينما توجد مراكز بحوث متطورة تظهر أبحاث واختراعات واكتشافات وتسمى بمصطلح عربي مباشرة وبهذا الشكل نفرض على الغير بأننا مشاركون في التنمية العلمية سواء في التطور الصناعي أو العلمي، وبرأيي مشكلة اللغة العربية مشكلة سياسية ومشكلة ثقافية واجتماعية وكل هذه المشاكل يجب أن تحل فالكتاب والأدباء والمثقفون وحدهم لا يستطيعون حماية اللغة العربية كما يجب وإنما بمشاركة الحكومات العربية جميعها وصب هذه الجهود في بوتقة واحدة.
بحثت في أعمالك العديدة فوجدت رواية وحيدة عنوانها المسافرة وتعلم بأن بعض الروايات تستند لوقائع تاريخية حقيقية فما هي الوقائع التي استندت إليها في كتابة هذه الرواية؟
ضحك الأستاذ شوقي كثيراً وقال:
أنا كتبت عدة روايات أيام الجامعة وكل رواية 300 صفحة تقريباً، وبعد فترة تطورت بسرعة في مجال الكتابة وفي العودة لقراءتها وجدتها ساذجة جداً لا تليق بأن تنشر، فأتلفتها كلها وندمت على ذلك في ما بعد لأنها تذكرني بشيءء عزيز على قلبي، ولكن جرت معي أحداث في حياتي وجدت بأنها صالحة لتكون رواية وهذه الوقائع ليس فيها أي اختراع بل كلها حقيقي وواقعي، طبعا مخيلة الروائي تضيف على الأحداث والبيئة والأشخاص حتى أن بعض الروايات يكون الكثير منها متخيل وإذا كانت مخيلة الروائي جيدة يكون قد اقنع الناس بروايته، وأما في روايتي فلم اتخيل شيءئاً أبداً وكل ما حصل معي سجلته وكتبته في روايتي.
“اعتقلوني لأنني قلت شعراً”
كنت مرة في بيروت لإلقاء قصائد شعرية في احتفال ذكرى وفاة الشاعر اللبناني نقولا فياض، وكانت فترة الانفصال بين سورية ومصر وألقيت قصائد وطنية وقصائد عن علاقتي بلبنان كون والدتي لبنانية، وقلت أبيات من الشعر فهمها رجال الأمن العام بأنها موجهة ضد الحكم بذلك الوقت حيث كانوا بين الحضور واعتقلوني بعد انتهاء الأمسية ودخلت إلى سجن وجدت فيه الكثير من الكتاب والشعراء السوريين الذين قاموا بنشاطات ثقافية لم توافق عليها الحكومة اللبنانية في ذلك الوقت، وكانوا يعرفونني وأعرفهم، وفي اليوم التالي أخذوني إلى سجن آخر ووجدت سجناء جدد لم أعرف منهم أحداً ولم يعرفني أحد منهم، وكانوا كلهم سوريين، وتعرفت عليهم وسمعت قصصهم و لماذا سجنوا وكنا نعلم بأننا في سجن مؤقت وسوف ينقلونا إلى الحدود السورية، وفي اليوم التالي أحضروا سيارة كبيرة وكنّا مقيدي الأيدي وصعدنا إلى السيارة فوجدنا فتاة تبلغ من العمر 18 سنة تقريباً جميلة وترتدي ثياب خادمة ومقبوض عليها بتهمة أخلاقية، ووضعوها في جانبي وبدأت الرحلة من بيروت إلى دمشق وكلنا يفكر بهذه الأنثى الوحيدة بيننا كيف سيفوز بها عند وصولنا إلى دمشق، وكل واحد منا يكلمها بأسلوب يقنعها به للذهاب معه، فقلت لها: والآن مع من ستذهبين فقالت: لا أعرف وأخبرتني بأنها لا يمكن أن تذهب إلى أهلها، فقلت لها أن تذهب معي إلى بيت والدي وتخدم في بيتنا فترة ثم تذهب إلى أي مكان تريده وكتبت لها اسمي ورقم هاتفي عنواني
ولكن المفارقة عندما كنّا في الطريق مع هذه الفتاة تبادر لذهن الجميع كل النوازع الشريرة والأفكار الخبيثة، ومجرد ما أفرج عنا بسورية كلّ منا ترك وراء ظهره كل ما عاشه خلال الرحلة وكانت الحرية عنده أغلى من أي شيءء حتى أنني عندما نظرت إلى الفتاة وجدتها أقل جمالاً من السابق.
“نشرتها بعد 15 عاما”
وبعد أن وصلت للبيت جلست مع نفسي وفكرت بأن هذه الأحداث ممكن أن تكون رواية وبدأت بكتابتها وبقيت في درج المنضدة لمدة خمسة عشر عاماً ،وفي أحد الأيام كان عندي صاحب دار الآداب للنشر وهو الأستاذ سهيل ادريس وقال لي: هل عندك شيءء يمكن أن انشره لك فقلت له: عندي هذه الرواية وفعلاً أخذها وقرأها واتصل بي بعد فترة وقال سوف نطبعها وننشرها.
ولكن في كتابتي للرواية لم أقدر على توضيح التغيرات النفسية التي طرأت على المساجين خلال الرحلة من بيروت لدمشق، فلذلك لم ينتبه بعض القراء إلى مغزى الرواية في أن الحرية تعيد الإنسان إلى طبيعته الحقيقية وما إن غابت الحرية حتى يتحول الناس إلى وحوش يأكلون بعضهم بعضاً، وهذا المغزى لم أوصله للقارئ بشكل جيد وهناك من فهم المغزى مباشرة وأعجبتهم كثيراً.
المصالحة مع الطبيعة
لا ينضب نبع الأدب والشعر عند شوقي بغدادي الذي بلغ من العمر ثمانين عاماَ فماذا تحمل لنا الأيام القادمة منك؟
لو تأملت كل أعمالي لوجدتها تحمل مواضيع الحزن والأسى والهموم والمعاناة فقررت التغيير، وفي الفترة الأخيرة سيطرت علي فكرة وهي هذه الحياة التي نعيشها وفكرت بظاهرة الحياة وبحثت في كتب الفلسفة والديانات الشرقية القديمة فوجدت احترام الحياة فيها، وبدأت علاقتي بالحياة تتغير وكنت أنظر إلى الشمس من مكتبي قبيل شروقها فأحس إحساساً غريباً عندما أرى تمازج هذه الألوان مع الغيوم، لم أجد أروع من هذه المتعة فالشمس تشرق من خلف الغيوم، وحولها الألوان تبعث في النفس الراحة والطمأنينة وكتبت قصيدة عن هذه الروعة اسمها المصالحة مع الطبيعة.
ديوان الفرح
ومرة زرت قبر والدي ورأيت حفار القبور وقلت له مازحاً أن يختار لي قبراً مريحاً فكتبت قصيدة بعنوان “المزاح مع الموت” وأيضاً قصيدة غزل عن فتاة أعجبت بي وبيني وبينها 40 عاماً وعنوان القصيدة صغيرة علي كبيرة علي وباقي القصائد لم أدخل فيها أي عبارة أو جملة فيها حزن أو هم بل كلها تدل على الفرح والتفاؤل وأسميت الديوان ديوان الفرح وأرسلته لدار النشر والآن قيد الطباعة.
والشاعر والأديب شوقي بغدادي ولد في بانياس – على الساحل السوري – عام 1928تخرج من جامعة دمشق حاملاً إجازة في اللغة العربية وآدابها، ودبلوماً في التربية والتعليم – عمل مدّرساً للعربية طوال حياته في سوريا وخمس سنوات في الجزائر.
– شارك في تأسيس رابطة الكتاب السوريين عام 1951 وبعدها شارك في تأسيس اتحاد الكتاب العرب الحالي وكان عضواً في مجلس الاتحاد ثم عضواً في المكتب التنفيذي وأسند إليه منصب رئاسة تحرير مجلة “الموقف الأدبي” الشهرية الصادرة
وله الكثير من المؤلفات والدواوين الشعرية والمجموعات القصصية والرواية العديد كما كتب في أدب المقالة والخاطرة والدراسات.
توفي شوقي بغدادي 29 يناير 2023

#سفيربرس _ حوار : زياد ميمان 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *