إعلان
إعلان

كتبت دكتورة إلهام التهامي : “التوازن بين الفعل وردة الفعل: فهم أعمق للعلاقات الإنسانية”

#سفيربرس ـ الكويت

إعلان

# لماذا نتمسك بردة الفعل؟ وما الذي يجعلنا نتجاهل الفعل؟

في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا نتحرك في دائرة مستمرة من ردود الأفعال. نواجه موقفًا أو تصرفًا من شخص ما، فنرد بطريقة معينة. وغالبًا ما يتم الحكم علينا بناءً على هذه الردود دون النظر إلى الخلفيات التي دفعتنا إلى ذلك. السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: لماذا نتمسك بردة الفعل، ونتجاهل الفعل الذي أثارها؟

### الإنسان بين الملائكة والبشر

نحن لسنا كائنات مثالية بلا أخطاء، ولسنا ملائكة لا تُخطئ. نحن بشر بكل ما تحمله الكلمة من معاني الضعف والقوة، الحب والغضب. كل منا يمتلك طاقة نفسية وعاطفية، وعندما تتجاوز الأحداث حدود هذه الطاقة، يصبح الرد أمرًا حتميًا. فالإنسان مثل الزجاجة؛ كلما امتلأت بالمشاعر السلبية من ظلم أو استفزاز أو ضغوط، تصبح قابلة للانفجار عند اللحظة الحاسمة. لذلك، من الظلم أن نحكم على إنسان من ردة فعله دون أن نلقي نظرة أعمق على الفعل الذي أشعل نار الغضب بداخله.

### ردود الأفعال هي انعكاس لأفعالنا

ردود الأفعال لا تنشأ من فراغ؛ هي نتاج طبيعي لما يفعله الآخرون تجاهنا. وقد تكون ردة الفعل عنيفة أحيانًا، ليس لأن الشخص سيء أو متسرع، بل لأن الفعل الذي واجهه كان بنفس القدر من القوة أو أكثر. وهذا ما يؤكده قانون فيزيائي بسيط، يدرس في المدارس: “لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الاتجاه.”

إذاً، عندما ترى شخصًا يتصرف بطريقة قاسية أو مؤلمة، لا تسارع بالحكم عليه من ردة فعله فقط. اسأل نفسك: ماذا كان الفعل الذي دفعه للتصرف بهذا الشكل؟ هل كان تحمله للألم والصبر أكثر مما يجب؟ هل كانت هناك عوامل خفية جعلت رد الفعل أكثر حدة؟

### النصيحة الأولى: الفهم قبل الحكم

أول نصيحة يمكن أن أقدمها هي: “افهم قبل أن تحكم”. حاول أن تضع نفسك مكان الشخص الذي أصدر ردة الفعل. ما هي الظروف التي مر بها؟ ما الذي دفعه إلى هذا التصرف؟ فهم السياق يساعدك على تكوين صورة أوضح، ويجنبك الحكم الظالم.

### النصيحة الثانية: لا تتجاهل أفعالك

قبل أن تلوم الآخرين على ردود أفعالهم، قم بمراجعة أفعالك. كيف كنت السبب في تصعيد الأمور؟ هل كان بإمكانك التصرف بشكل مختلف لتجنب الوصول إلى تلك المرحلة؟ الاعتراف بأخطائك ليس ضعفًا، بل هو قوة حقيقية تُظهر نضجك ووعيك. عندما ندرك أن لكل فعل نتيجة، يمكننا أن نتحكم بشكل أفضل في تصرفاتنا ونتائجها.

### النصيحة الثالثة: السيطرة على النفس

رغم أن رد الفعل قد يكون نتيجة طبيعية للفعل، إلا أن الإنسان يمتلك القدرة على التحكم في نفسه. حاول دائمًا أن تأخذ نفسًا عميقًا، وتفكر قبل أن تتصرف. تذكر أن ردود الأفعال الغاضبة قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات، وليس حلها. هناك حكمة في التروي، ففي لحظات الغضب قد نقول أو نفعل شيئًا نندم عليه لاحقًا. لذا، احرص دائمًا على التفكير في عواقب كل كلمة أو فعل.

### النصيحة الرابعة: التواصل الفعال

الكثير من المشكلات تنشأ بسبب سوء الفهم وقلة التواصل. لا تفترض أن الشخص الآخر يفهم دوافعك أو مشاعرك، بل تحدث بوضوح. عندما نفتح قنوات الحوار ونعبر عن مشاعرنا بشكل مباشر، يمكننا أن نتجنب الكثير من ردود الأفعال السلبية. تذكر دائمًا أن التواصل هو جسر يربط بين النفوس، ويزيل الحواجز التي قد تؤدي إلى الانفجار.

### النصيحة الخامسة: مسامحة النفس والآخرين

في بعض الأحيان، تكون ردود أفعالنا قاسية أكثر مما كنا نتوقع. المهم أن نكون مستعدين للاعتذار إذا أخطأنا، وأن نسامح أنفسنا على تلك اللحظات التي فقدنا فيها السيطرة. كذلك، تعلم أن تسامح الآخرين عندما يتصرفون بطريقة قد تؤذيك. التسامح ليس ضعفًا، بل هو قوة تمنحك السلام الداخلي وتعيد بناء العلاقات.

### الخاتمة: الناس ترى السطح ولا تغوص في الأعماق

في النهاية، يبدو أن الناس غالبًا ما ينظرون إلى ما يظهر على السطح دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الغوص في عمق الموقف. يحكمون على الأمور بناءً على مشاهد عابرة، دون أن يبحثوا في خلفياتها وتفاصيلها. لكن الحقيقة تكمن في التفاصيل، في الأسباب والدوافع التي لا تظهر للجميع. لذا، حاول دائمًا أن تكون من أولئك الذين يغوصون في الأعماق، من أولئك الذين يفهمون قبل أن يحكموا، ويسامحون قبل أن يعاقبوا.

هذا المقال يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الفهم العميق قبل الحكم، وأهمية الاعتراف بدورنا في تصعيد الأمور. نأمل أن تكون النصائح المذكورة مفيدة في تحسين تفاعلاتنا اليومية وجعلنا أكثر وعيًا بتصرفاتنا وردود أفعالنا.

#سفيربرس ـ الكويت ـ بقلم : دكتورة إلهام التهامي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *