بطعم الحبّ..بقلم : لميس علي
#سفيربرس
كان يمكن لحديثي معك اليوم أن يكون عن الخيبات التي تأتي بطعم الحبّ.. حين تتنكر بألوان طيفه الشفافة..
لكن ويلات الحرب تبتلع كل ما هو مخالفٌ لهواها..
تقذفنا حيث يريد غولها، لا حيث نريد ونبتغي.
ومع كل ذلك نحاول أن نبتكر عيشاً على إيقاع جنونها.. لعلنا نكتشف أمداء للحياة، تغنيها وتثريها على طريقة بطلة رواية (الزهير، باولو كويلو) الصحفية “إستر” التي سافرت إلى مناطق ساخنة كي تختبر الحياة من وجهة نظر تمنحها غنىً من نوع خاص لا يشعر به إلا من أدرك قيمة كل لحظة يحياها قريباً من الخطر.
كيف تنكشف لنا أوجه أخرى من الحياة بسبب الخطر الذي تجرّه الحرب.. فالحرب وحدَها قادرةٌ على اكتشاف أصل الإنسان فينا واختبار مشاعره وتعريتها..
ومع ذلك، فوجهة نظر الصحفية “إستر” تخالف وجهة نظر أي منّا.. لأنها هي من مضت بإرادتها إلى حيث اختبار العيش في فوهة الحرب.. أما نحن فالحرب هي التي اختارت المكوث بيننا ولاتزال منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً.
غالباً.. أصبحنا غيرنا نحن.. بفعل غولها الذي لا يرحم..
واكتشفنا، سلباً أو إيجاباً، مناطق مجهولة في ذواتنا لم ندرك أننا نحويها.. فخلّفت حروباً صغرى داخل كل منّا.. وصراعات.. فهل بقيت كفتا توازن أي منا في استقامة لا تميل..؟
كان يمكن لحديثي معك أن يكون ملوّناً حتى لو دار حول خيبات الحبّ.. نكايةً بالحضور الطاغي لصخب حرب لا تغادرنا..
يبدو لي أننا نبدع في منازلة الحرب، أيّ حرب.. حين نتقن عيش الحبّ، أي حبّ.. ونخترع لحظات منه لا تنضب..
حديثي معك حتماً سيكون ملوّناً بالرغم من أنف الحرب.. حديث تفتر فيه مشكلاتنا وخلافاتنا وربما اختفت حين تعلو أصوات جنونها.
الحرب لا تنسيني إياك.. بل تُعيدني إليك أكثر..
تفتت مشاجراتنا وتلغي اختلاف آرائنا وقناعاتنا.. لأنها تدفعنا لنسكن الحبّ وطناً تُلغى فيه الفروقات.
ما أروع أن نصبح قادرين على التقاط نقاط تقاطعنا ومشتركاتنا وننسى خلافاتنا، زمن الحرب.
في كتاب (لماذا الحرب)، وهو عبارة عن مراسلات ما بين آينشتاين وفرويد، يطرح الأول سؤالاً عن سبيل إنقاذ البشرية من خطر الحرب.. ويتساءل: “هل يمكن التحكّم في التطور العقلي لدى الإنسان للتصدّي لاختلالاته كراهيةً وتدميراً؟”..
من الملاحظات اللافتة التي يذكرها فرويد في ردّه: “يبدو الأمر كما لو أن انخفاض المعايير الجمالية في الحرب يلعب دوراً أصغر مما تلعبه وحشيتها”..
بالطبع هذا حالها.. لكن ما ابتكرناه، نحن معاصري حرب “الآن وهنا”، محاولة لحظ معاييرها الجمالية وربما تضخيمها قدر المستطاع بوسيلة الحبّ أو غيرها.
#سفيربرس _ بقلم : لميس علي