إعلان
إعلان

أحــــلام جــارحــة . بقلم لارا حســـين

خاص سفير برس

إعلان

يعيشُ الإنسانُ في الوقتِ الحاضرْ في عالم ٍمتغيرٍ,وتحتَ تأثيراتٍ اجتماعيةٍ و ثقافيةٍ و اقتصاديةٍ وسياسيةْ ْ ,عَقَدَتْ الحياةْ التي يَعيشُها الإنسانْ وحَوّلَتّها من البسيطةِ إلى المُركَبةْ ْ.

ولمْ يَعُدْ الإنسانُ قادرا ً على تحقيقِ هَدَفَهُ, في ظلِ الظروف ِ القاسية ِالتي فَرضتها عواصفْ الخريفِ العربي ْوالأزمةِ السوريةْ ْعلى أبناءِ شعبِنا اليافعينْ , فما بَيْن َحُلُمِ الطفولةِ وخطوطِ النارْ!!! يواكبُ مُراهقينا تطورُهم البيولوجيْ بحذرٍ بالغ ْ, فهُم يتأرجحونَ خوفا ً بينَ أحلامِ المستقبلِ الضائعة ْ وبينَ واقع ٍ مريرٍ يُثِيرُ حفيظة َ نُضْجِهم العقليْ ْوالنفسيْ والسيكولوجيْ , وما يزيدهم إحباطاً هو قلقِهم على ذاتِهم ووجودِهم و مستقبلِهم المِهنيْ, بسببِ عدم ِوضوحِ معالم َمستقبلِهم في ظلِ التطوراتِ الراهنة.

فما بينَ مرحلةِ بناء ِالشخصية ْوتحديدِ الهُويةْ ْوالانطلاقِ نحو الاستقلاليةْ لاكتشافِ و اختيارِ وتوجيهِ مُسْتقبلِهم !!! .

يواجهُ طُلابنا الجامعيين تحدياتٍ كثيرةٍ مِثلْ : 1-التكيفِ الأكاديميْ و التكيفِ العاطفي (الزواجْ و الأسرة ْ ) . 2-والتكيفِ المِهَنِيْ ( ماذا يفعلُ الطالبُ بعدَ التخرجِ و أمامهُ آلاف َالعاطلينَ عنْ العملْ ). 3-والتكيف الحياتِيْ (هلْ ستساعدَهم الظروفُ الحالية ْفي مواصلةِ أحلامَهم ) . 4-و التكيف المكانيْ ( هل سيتوصلُ المجتمعُ الدَوْلِيْ لحلِ الأزمةِ السوريةِ قريبا ً ). هموم ٌ كثيرة ٌ تُؤَرِّقُ ذاكرتَهم اليافعةِ بمزيد ٍمن وجع ِالحياةِ الصاخب ْ, خاصةً وقدْ انقلبتْ موازينُ الفرصِ الحياتِية ِ في ظلِ التغيراتِ التي طرأتْ على الساحةِ السورية ْ ,ماجعلَ المنطقة َ تمرُّ بمرحلة ٍخطرةٍ من انعدامِ الأمن ِوالفوضى والحربْ, وهذا بِدَورِه أثّرَ اقتصاديا ً على دخل ِ الأسرةِ السورية ْ, التي تُصارعُ لتوفيرِ الاحتياجاتِ الضروريةِ لأفرادِها من مسكنٍ وغذاء وصحة وتعليم, و عدم مقْدرتِها على تلبيةِ حاجاتِها المُلِحة ْ, نتيجة َ تشظي موجةَ َالغلاءِ الحارقة ْ التي تكوي جُيوب مُواطنينا بغلاءِ أسعارِ الموادِ الغذائية ْ, بسببِ الحصارِ الاقتصادي ِ المفروضْ على الشعبِ السوريْ و بسببِ احتكارِ وجشعِ تُجارِ الأزمة, وارتفاعِ تكلفةِ استئجارِ المنازلْ نتيجة َ زيادةَ الطلبِ عليها, جراءَ فقدانِ المواطنينَ لمنازلِهمْ نتيجةَ َالصراعاتِ الدائرة ِبينَ الأطراف ِالمتصارعة ْ ,مما جعلَ هذهِ البيوتْ تَغُصُّ بالأسرِ المُهَجَرَة ْ وتَهْدُرُ بالمعاناةِ الأسريةِ و المادية ْ.

وباختلاف الآراء والجدل ِحول َالمواقفِ السياسيةِ داخلَ الأسرة ِالواحدة ِحولَ الواقعِ الذي فَرضتُه الأزمةْ عليهمْ .

كُلُ ذلكْ أثرَ سلبا ًعلى المُراهق ليجدَ نفسهُ مُحاصرْ من جميعِ الجهاتِ محشورٌ في الحلقةِ الأضعفِ من المُشكلة ,غيرَ قادرٍ على نسج ِمعادلة ِالتوازنْ مابينَ أحلامِه التائهةِ وتحدياتِ واقعهِ التي تُجبره هو ورفاقهِ على مُتابعةِ تحصيلهمْ الدراسيْ بمستقبلٍ مجهولٍ و بتوترٍ وقهرٍ حياتيْ تحت َصوتِ البنادقْ ْودُوِيِّ الانفجاراتِ, يُرتّلُونَ صلواتِ الأمل ِ الإلهيةِ لألاا يموتوا كغيرهِم من رفاق ِالدراسة ِالمقتولينْ بشظايا غادرة ْ, أثناءَ تنقلِهم الخطيرِ على طرقاتِ الموتِ أثناءَ ذهابِهم إلى المدرسة ْ,تحسبا ً من انفجارٍ مؤكد ٍ لسيارةٍ مفخخة ْ أو سقوطٍ مُدوٍّ لقذيفةٍ مفاجئة ْ على مدارسِهم أو على منازلِهم , وغيرُ ذَلكْ من مشكلاتٍ أخرى أدتْ لعدمِ إستقرارِهم نفسيا ً.

فهم حائرينْ غير قادرينْ على التعاملِ مع التطوراتِ الفيزيولوجيةِ الطارئةِ لأجسادهمْ في ظلِ عمليةِ التعتيمِ الجِنسي ْ ,وعدم ِتوفيرِ حدٍ أدنى من الثقافةِ الجنسية ْالتي توفرُ حماية ًللشبابِ من الانحرافْ وتلقيهْ ثقافةً جنسيةً مشوشة ْ و مشوهة ْ,وحقِهم في الحصولِ على المعلوماتِ الصحيةِ المتعلقةِ بالجنس ِو الأمراضِ المُنتقِلةِ عن طريقِ الجنسْ من مصادرِها الموثوقة,ْ , بما ينسجمُ مع عاداتِ المجتمعِ وقيمهِ وتقاليدهِ وموروثِهم العقائديْ ,فهم يتخبطونَ بجدرانِ المستحيلاتِ الحياتيةِ الحاصلة ْ وبمستقبلِ أحلامِهم الهاربة ْ التي لم يعُد بالإمكانِ تحقيقِها بعد َالآن في ظلِ الظروفِ الراهنة ْ ؟ ؟؟؟ .

بعيدا ً عن أشباحِ الموتِ في الداخلْ, تهربُ بعض العائلاتِ السوريةِ ببناتِهم إلى خارج ِسياج ِالوطنْ بحثا ً عن الآمانْ هربا ً من عصاباتِ الموتِ المُسَلَحْ التي حصدتْ آلاف َالضحايا في ربوع ِالوطنِ الجريحْ ,إلى تخومِ مخيماتِ اللجوءِ الشيطانية ْ , لتفاجىءَ بموتِ النخوةِ العربية ْفي قلوبِ شباب ِالعربْ !!! الذينَ يترصدونَ ببناتِنا كذئابٍ بشرية ٍ للجِنسْ!!! .

فهمْ ينتظرونَ الفرصة َ السانحة ْ للانقضاض ِعلى فرائسِهم ْمن الحرائرْ!!!, مستغلينَ الوضعَ الماديْ لهذهِ العائلات ْ,وعدمْ مقدرتِها على إعالتِهنْ مُحاصِرِينَ هؤلاءِ الفتياتِ بواقع ٍ مريرٍ و بتنازلات ٍقسرية ٍجعلتْهُن يُقبِلْنَ على اختيارِ أهونَ الشرينْ :الزواجَ القسرِي لكي يكُنّ محمياتٍ مِن حوادثِ الاغتصابِ المُحتملَةِ أو الإنجرارِ في طرقٍ غير شرعية ْ كالانحرافِ ضمنَ شبكاتِ الدعارة ْ, وكلُ ذلِكَ بسببِ تدهورِ القيمِ الاجتماعيةِ داخلَ المخيماتْ, وحالة ُ عدم الاستقرارِ فيها ,وتأزم الوضع ُالمالِي للأسرة ْ, فهُن يَعِشْنَ تداعياتْ الخياراتِ الصعبة ْ التي لمْ يَكُنَّ ليُجبَرنَ على اتخاذِها في أوضاع ٍ أخرى.

لو أنّ الحرب َ لم ْ تُكْرِهُهِنَّ على الفرارِ إلى ما وراءَ حدودِ دولتِهِنْ, ووراءَ حدودِ أسلوبِ الحياةِ المقبولِ الخاصِ بِهِنْ بعيدا ً عن سياسةِ الأمرِ الواقعْ وبعيدا ً عن تبعاتِ اللجوءِ وبعيدا ً عن العنفِ الجِنسِي في أزمنةِ الحروبْ.

تلكَ النماذجُ الثلاثة ْ تشكلُ الغالبيةَ العُظمى من أبناءِ شعبِنا … فئة ُ الشبابِ التي عانتْ الأمرّينِ في هذه الأزمة ْ, هذهِ الفئة ْ لو وُفِّرَتْ لها ظروف ٌ مغايرة ْ عن الظروف ِالحالية ْ, لكانتْ اختلفتْ المعادلة ْولكانَ تغيرَ الوضعْ و تجددتْ معالمْ الحياة ْ, لكنّا من أفضلْ و أرقى الشعوبْ ,لو تمّ رعايتِهم بطريقةٍ خاصةْ ْواستمعنا إليهمْ وتفهّمنا متطلباتهمْ, لصنعنا عالمْ يَصدحُ بإنجازاتِنا ويُغرّدُ بأغانينا ويتأثرُ بمناخِنا ويزخرُ بفصولِنا المُتجددة ْ؟؟؟ .

كُل ما في الأمرْ هو أنْ نُصغِي لأحلامِهم ونتفهمها ونُعايشُها ونُخطط لها وندعمُها ونوفرُ الظروف لها لكي تُزهر وتُبدع وتُنجز وتسمو بنورِها و نفرح لها عند نجاحِها لإننا نعلو بنجاحِهم !!! لماذا لا نُصغي إلى صوتِنا الداخلي؟؟؟ .

لماذا تُبهِرُنا نداءات ْالخارج الخبيثة ْ التي تسرقُ منا شبابُنا وتغتصبُ أحلامَهم وتستبيحُ محرماتِهم وتستحلي نسائِهم ,وتقضي على وجودِهم كبَشرْ وتحولَّهم إلى لاجئينْ ينتظرونَ معالمَ نكبةٍ جديدةٍ تغرقهم ْفي بحرٍ هائج ٍ يُنْسِيْهِمْ وطنهم الأم سورية ْ, ويسترضونهم إما بباسبورِ ِالموتِ الأبديْ في أعماقِ البَحْرْ أو بباسبور ٍ فرنسيْ أو ُسويدي أو ألمانِيْ وغيرِها من دولِ الاتحادِ الأوروبيْ,وهيَ نفسُها الدولُ التي أعلنتْ الحربَ على وطنيْ ؟؟ .

هلْ تستحقُ الجنسية ُ الأجنبية ْ كُلَ هذا الجهدِ و المغامرة ْ في الحياةْ للحصولِ عليها؟؟؟ ولماذا في هذا الوقتْ ؟؟؟ولماذا يجب ُعلى المواطنِ السوريْ أنْ يدفعَ ثمنَها مُسبقا ً؟؟؟ إما بالحربِ على بلادهِ وتهجيرهِ مِنها كلاجىءْ !!!يَطْرُقُ أبوابَ مخيمات اللجوءْ ؟؟؟ .

وإمِا التخلي عن وطنَهُ وتاريخَهُ ودمَهُ وذاكِرَتَهُ, فيغادِرهُ مُكرها ً بسببِ الصراع ِ الدائرِ فيهْ ؟؟؟ و إما الموت ُغرقا ً في رحلةِ اللجوءِ الخطرة ْ إلى جُزُرِ الهندِ الأوروبية إذا لم يحالفهمْ البحرُ في تموجاتهِ وعاندَ في غضبهِ عليهمْ هو الآخَرْ …

وأما إذا قهرَاللاجىءُ الموتَ مرة ً ثالثة ْ!!! فإنهُ يستحقُ أنْ يلجأ َ إليها ويأخذُ ُ جِنسيتها بعدَ أنْ يفرضوا عليهِ واقعَهم وعالمَهم وشروطَهم وبصماتَهم حتى لغتَهم ومجتمعَهم وقوانينَهم؟؟؟ أو أنْ يتحولوا إلى لاجئينْ في دولِ الجوارْ التي تنظرُ إليهم كضيوفٍ غيرُ مرحبٍ بهم ,فهم يستغلونَ معاناتِهم ويفرضونَ عليهمْ ضرائبهمْ الخاصة ْ وخيامِهمْ المهترئةْ ْالتي لاتقي حرَّ الصيف ِولا بَرْدَ الشتاءْ, ويجعلونَ منهمْ ضحية ً تستجدي العطفَ والمساعداتَ الدوليةْ ْالتي تُشْغِلْهُ كلاجىءٍ بحفنةٍ من الدولاراتْ, وسلّةٍ منَ الموادِ الغذائيةْ ْوتُنْسِيْهِ هُمومَهْ , ليجعل جُل ّاهتمامَه و تفكيرَهْ ينحصرُ في تحصيلِ هذه ِالأمورِ الماديةْ فقط ْ!!! .

لينسى بعدَ ذلك َ أحلامَه و ينسى ُكلَ شيءٍ يربُطَهُ بهذا الوطنْ هاربا ً من جُرحِه ومعاناتِه !!! هاربا ً من دمْعِهْ!!! يركضُ لاهثا ً وراءَ لقمةِ معيشتِه!!! لقمة ً يمنونَ عليهِ بها ويذلونَه بها, لكي يحصلَ عليها بعدَ عناءٍ طويلٍ مِنَ الانتظارْ في أزقةِ الهيئات ِالإغاثية ْ .

هلْ يستحقُ شعبيْ كُلَ هذهِ المعاناة ْ لكي يَحْلُمْ!!! ؟؟؟ وهلْ يستحقُ كُلَ هذهِ التنازلاتْ لكي يحيا حياة ً كريمة ْ ؟؟؟ وهلْ يستحقُ أن يتلاعبَ أحدٌ بعالَمِه ومعَالِمهْ و بِقدَرِهْ فقط ْلأنهُ يقْدِرْ؟؟؟ .

هلْ يستحقُ وطني كُلَ هذهِ الكمية ْ من الطعناتِ والجراحْ !!! فقط ْ لأنهُ قالَ … لا ْ … ؟؟؟ لا للأوهامْ … نعمْ للحقيقة ْ ….. نعمْ للأحلامْ …… نعمْ للأملْ… نعمْ للإبداع ِوالنجاحْ… نعمْ للوطنْ …؟؟؟ لماذا لا نُصغِي لأنفُسِنا ؟؟؟ .

لماذا لا نُحاكِي أحلامُنا ونستحضِرْهَا في حياتِنا ؟؟؟إذا لم نسْمَعها نحنُ لا أحدْ سيصغيْ إليها… و إذا لمْ نُصدقْها نحنُ لاأحدْ سيقتنعُ بها ؟؟؟و إذا لم نصنَعْها نحنُ بأيدِيَنا لاأحدْ سيراها أو يُطَبِقْها أو يَحْلُم بِها ؟؟؟ و إذا لمْ ندعمْهَا نحنُ ستموتُ أزهارُها بينَ أيدِيَنا ؟؟؟.

وإذا لمْ نكنْ نحنُ… لا أحدْ سيكونُ بعدَنا ؟؟؟و إذا لمْ نتعلمْ من ماضِيَنا وُنجدِد حاضِرَنا لنْ نقطفَ ثمارَ غدِنَا ؟؟؟و إنْ لمْ نثقْ بقدراتِنا لا أحدْ سيثقُ بِنا ؟؟؟و إذا لم نحترمَ وجهاتَ نظرِ بعضِنا لا أحدْ سيحترمُنا بالعالمْ بعدَ الآنْ ؟؟؟  .

نحنُ حاضرُ المستقبلْ … نحنُ شعلة ُ القيامة ْ … نحنُ الحلقة ُ الأقوىْ … نحن ُ الأملُ الصارخ ْ … نحن ُشبابُ سورية ْ… منْ يريدُ أنْ يَحلُم!!! حتما ً سيقومُ بالمستحيلِ وسيناضلُ كثيرا ً لكي يبقى حُلُمهُ إلى جانبهِ ومستقبلهُ بين يديهِ … لا بينَ أيدي الآخرينْ ؟؟؟.

و نوجهُ رسالةْ ْللعالمِ أجمعْ : (( نحنا خِلقْنا حتى نعِيشْ … مو لنمُوتْ أو نِتوَجّعْ !!!عمْ تِسْمَعُونَا امنيحْ ؟؟؟ )) .

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *