إعلان
إعلان

هل سيتدخّل الكونغرس الأمريكي لوقف حرب الإبادة الجّماعية في اليمن؟ . بقلم الإعلاميّة : د . عبـــير الحــــيّالي

خاص سفيربرس ـ لندن

إعلان

صعد دونالد ترامب بشكل تدريجي الدور الامريكي في الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية على اليمن وذلك عن طريق توسيع نطاق المساعدات العسكرية الامريكية، بطرق تتجاهل النواحي الانسانية وتطيل مدى الحرب وتزيد معاناة اليمنين، رغم الأصوات المتعالية في الكونغرس التي تحاول كبح تورط أمريكا في هذه الحرب بسبب الخسائر البشرية الضخمة.

وسؤالنا هنا متى ستتوقف الولايات المتحدة الأمريكية عن المشاركة في هذه الاباده الجماعية للشعب اليمني؟.

وهل سيتدخل الكونغرس بإصدار قراراً بوقف هذا الدعم مخالفاً لرغبة الرئيس؟.

شهد أواخر عام ٢٠١٧ تحولاً واضحاً في الدعم الأمريكي للجانب السعودي عندما قام البنتاغون بإرسال قوات خاصة امريكية سراً الى الحدود السعودية-اليمنية لمساعدة الجيش السعودي في تحديد وتدمير مواقع الصواريخ الحوثية بعد أن قام الحوثيون باطلاق مجموعة من الصواريخ البالستية على عدة مدن في السعودية.

ومن المؤكد أن زيادة الدعم العسكري الأمريكي للسعودية في اليمن جزء من تحول أكبر للسياسة الأمريكية من قبل ترامب، فالرئيس يعرب بشكل مستمر عن تأييده المستمر للمملكة حليفه الأكبر في المنطقة والزبون الأكثر شراء للأسلحة الأمريكية بمبلغ ١١٠ مليار دولار على مدى عشر سنوات بصفقة أعلن عنها ترامب من الرياض، كما أنه لم يوفر فرصة واحدة لتقديمه الدعم لمهندس الحرب اليمنية، ولي العهد الشاب محمد بن سلمان.

كل هذه المواقف الأمريكية الصارخة أدت الى تفاقم الصراع الطائفي في المنطقة بشكل عام عن طريق اشعال حرب الوكالة بين إيران والمملكة العربيه السعودية، كما أدت الى قتل مالايقل عن عشره آلاف مواطن يمني، وخلفت أكثر من ١٤ مليون انسان يقفون على حافة المجاعة، ومالايقل عن مليون يمني مصاب بالكوليرا وشعب كامل بأمس الحاجة الى مساعدات انسانية عاجلة.

ولكن تصعيد التدخل العسكري الامريكي في اليمن من دون الضغط من أجل التوصل الى تسوية سياسية للحرب في اليمن من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة الامريكية شريكاً في هذه الابادة الجماعية بموجب القانون الدولي، وخاصة بعد مشاركة جهاز الاستخبارات في المساعدة في تحديد الأهداف بالاضافة الى تزويد الطائرات السعودية بالوقود في الجو من الجانب الامريكي.

بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول والإجماع الدولي على اعتباره خرقاً كبيراً لحقوق الإنسان وحرية التعبير والذي أدى الى فتح باب المحاسبة في الحرب اليمنية على مصراعيه، اشتد العنف في اليمن وخصوصاً في الحديدة منذ الدعوة الأمريكية غير المتوقعة لوقف إطلاق النار في اليمن لتهدئة الرأي العام العالمي وتخفيف الضغط عن الادارة الأمريكية بسبب صفقات السلاح المبرمة مع السعودية.

ومع ذلك فإن ادارة ترامب لا تريد انهاء هذا الصراع إلا بالشروط التي تتناسب مع حلفائها السعوديين والاماراتيين، وتقول كل من الرياض وأبو ظبي إنهما يرغبان في التوصل الى تسوية، ولكن في حقيقة الأمر إنهما يأملان في الجلوس على طاولة المفاوضات كمنتصرين وبمباركة أمريكية. خلال الأسبوع المنصرم، حاولت الولايات المتحدة أن تتجنب الضغوطات والانتقادات المتزايدة باعلانها التوقف عن تزويد الطائرات السعودية بالوقود، وهي نقطة من نقاط الدعم الآمريكية المعلنه للتحالف ولكن ماذا عن الدعم السري الذي يمنعهم تماماً من الجلوس على طاولة التحاور وأبرزها العمل على تصنيف الفصائل الحوثية على أنها فصائل ارهابية من قبل الإدارة الامريكية.

في هذه الحاله المستعصية، أيهما أصعب الجلوس على طاولة مفاوضات أم انتظار نهاية ناجحة لأحد الطرفين؟. ومن المؤكد أن طاولة جامعه لأطراف النزاع هو الأقرب والأسهل في ظل التغيرات الجديدة رغم كل العقبات المحيطة به وهذا ما يتم التنسيق للقيام به باهتمام بالغ في هذه الأيام.

الناحية القانونية والدستورية للمشاركة الأمريكية:

لا يتمتع الرئيس الأمريكي بسلطة استخدام القوة العسكرية الهجومية في الخارج الا بإعلان الحرب من جانب الكونغرس، وفي حال قام الرئيس بادخال القوات المسلحة الأمريكية بأعمال عدائية دون تصريح يحق لأي عضو في الكونغرس أن يطالب باجراء تصويت لإيقاف هذا التدخل العسكري، حيث أنه لا يزال قانون “القوى الحربية” لعام ١٩٧٣ هو القانون المعتمد في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أقر هذا القانون ليكمل قانون سلطات الحرب المنصوص عليها في الدستور الأمريكي، وكان الهدف منه الحد من سلطات الرئيس بإعطاء الأوامر للقوات المسلحة بالذهاب الى الحرب. مع ان التاريخ شهد اختطفاف بعض الرؤساء لهذه السلطة وقاموا بالتدخل العسكري دون موافقة الكونغرس كما هو الحال في عام ٢٠١١ عندما شن باراك أوباما ضربات جوية ضد ليبيا، وفي مثال آخر عندما تجاوز بيل كلينتون هذا القانون في العراق وكوسوفو وهايتي وهناك أمثلة عديدة على مثل هذه التجاوزات في تاريخ الحروب الأمريكية وآخرها هو الحرب على اليمن، وبالرغم من كل هذه الأمثلة وغيرها فإن هذا لايعني تشريع هذا النوع من الحروب العدائية.

وبالمقابل كان هناك تدخلاً للكونغرس في حروب أخرى والتمكن من ايقافها تحت قوة قانون “القوى الحربية”، ففي ثمانينات القرن الماضي أوقف الكونغرس جميع المساعدات الأمريكية الى الكونترا الذين كانوا يشنون حرباً للاطاحة بحكومة نيكاراغوا، وفي عام ١٩٧٦ ايضا تم ايقاف التدخل العسكري الأمريكي في انغولا بقرار من الكونغرس، فهل سيستيقظ الكونغرس من غفوته بعد الأزمه الحقوقية والانسانية والدبلوماسية التي تحيط بالمملكة العربيه السعودية، وهل سنشهد موقفاً مماثلاً في الكونغرس اتجاه حرب الابادة التي تتعرض لها اليمن؟

النموذج اليمني هو نموذج معقد جداً، ولطالما أشعلت حرب اليمن هذا النقاش في الكونغرس ولم ينته بعد، وكان قد شهد مجلس الشيوخ تصويتاً في العشرين من شهر مارس الفائت لإنهاء دعم الولايات المتحدة الامريكية للسعودية وحلفائها في الحرب اليمنية، وكان من أبرز المتقدمين بهذا المقترح السناتور البارز بيرني ساندرز ولكن للأسف تم رفض المشروع في مجلس الشيوخ.

هناك جدل واسع بين النقاد والسياسيين عن دور الكونغرس في إيقاف هذه الحرب، وبمراقبة حالة الشد والجذب بين البيت الأبيض والكونغرس بعد مقتل خاشقجي نجد أن مؤيدي الحرب يخسرون، وخصوصاً بعد أن عملت القيادة الجمهورية في منتصف الشهر الحالي على منع التصويت في مجلس النواب على المشاركة العسكرية في اليمن لفترة وجيزة وهذا إن دل على شيء إنما يدل على تخوف ادارة ترامب من نتائج هكذا تصويت.

إن ادارة ترامب تدرك تماماً خطورة الوضع اليمني، كما تدرك أن هناك توجهاً في الكونغرس نحو ايقاف هذه الحرب، وأن هناك أصواتاً تتعالى بشكل صارخ مستغلين حادثة مقتل الصحفي خاشقجي في قنصليه بلاده في اسطنبول. ولذلك بادرت ادارة ترامب في

مشهد غريب بايقاف تزويد القاذفات السعودية والاماراتية بالوقود في الجو، وهو شكل من أشكال تخفيف الضغط على الادارة ومحاولة منها لمنع التصويت في الكونغرس لصالح حظر جميع الأنشطة العسكرية الأمريكية الهجومية أو على الأقل المماطلة في التصويت وكسب مزيداً من الوقت.

ان المساعدات الامريكية في هذه الحرب ليست عبارة عن تزويد بعض الطائرات بالوقود وإنما تتجاوزها الى تعاون استخباراتي ومساعدة في تحديد الأهداف، ولهذا من الصعب أن تغير الخطوة الامريكية البسيطه التوجه داخل الكونغرس للتصويت لانهاء الدور الامريكي في حرب الإبادة داخل اليمن، حيث أن الجميع داخل الكونغرس يعرف تماماً التكاليف البشرية الهائلة في حال تفجر المجاعة ولذلك سيعملون وبقوة لأجل استخدام قانون “القوى الحربية”ومنع أي تدخل امريكي اضافي في المرحلة المقبلة، وبردة فعل واضحة تعمل الإدارة الأمريكية جاهداً من أجل جلوس الفرقاء على طاولة الحوار للوصول الى حل يحفظ المصالح الأمريكية في المنطقة قبل الوصول الى تصويت في الكونغرس ربما تكون نتائجه قاسية جداً على ادارة ترامب.

 

سفيربرس ـ بقلم : د . عبـــير الحــــيّالي
 باحثة في الإعلام الدولي لندن

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *