إعلان
إعلان

” تدجين القمح “تجربة عملية في حقول القمح بالرقة ـ بقلم: الدكتورة كريس هرست

# سفيربرس ـ ترجمة المهندس الزراعي إبراهيم عبدالله العلو

إعلان

يعتبر القمح أحد محاصيل الحبوب ويزيد عدد أصنافه الموجودة في العالم اليوم عن 25000 صنف. وقد تم تدجينه قبل 12000 سنة من سلف لا تزال خلائفه تعيش حتى الآن يدعى قمح الإمر. وقمح الإمر البري هو عشب حولي شتوي ذاتي التلقيح T. araraticumT. turgidum من العائلة. dicoccoides, or T. dicocoides),

القبئية والعشيرة القمحية وينتشر في الشرق الأدنى عبر الهلال الخصيب في سوريا وفلسطين والأردن ولبنان وشرق تركيا وشمال العراق وغرب ايران.

قمح الإمر السوري الذي يعتبر أحد أقدم أصول القمح في العالم

وينمو في بقع متناثرة وشبه معزولة في المناطق ذات الصيف الحار الجاف والشتاء القصير المعتدل الرطيب مع مستويات هطول مطري متفاوتة. وينمو الإمر في موائل متنوعة من 100 متر تحت سطح البحر إلى إرتفاع 1700 متر فوق سطح البحر ويتمكن من العيش ضمن هطولات مطرية تتراوح ما بين 200 ملم ولغاية 1300 ملم.

 

مواسم الخير في الرقة. سوريا. عام 2019. المهندس خالد العلو.

أصناف القمح

نتجت معظم أصناف القمح الحديث التي تزيد عن 25000 صنف من نوعين من القمح: القمح العادي(الطري) والقمح القاسي.

يشكل القمح العادي أو الطري حوالي 95% من كل القمح Triticum aestivum

المستهلك في العالم بينما يشكل القمح القاسي

T. turgidum ssp. durum ال 5% الباقية والذي يستخدم في صنع المعكرونة ومنتجات السميد(السيمولينا).

وكلا النوعين من القمح الطري والقاسي هي أشكال مدجنة من قمح الإمر البري وهناك قمح البر وقمح تيموفيف التي نتجت أيضاً من أقماح الإمر في أواخر العصر الحجري الحديث ولكن لا يوجد لهما أي قيمة تسويقة اليوم.

وهناك نوع مبكر آخر من القمح يدعى قمح القفقاس الذي دجن في ذات الفترة تقريباً ولكنه لا ينتشر بكثرة اليوم.

سفيربرس ـ حصاد القمح في حقول الرقة ـ عدسة المهندس خالد العلو

حصاد القمح في الرقة عام 2019. دراسة للمهندس خالد العلو.

أصول القمح

توجد أصول قمحنا الحديث بحسب الدراسات الأثرية والوراثية في منطقة قراداغ الجبلية في جنوب شرق تركيا فيما تعتبر أقماح الإمر والقفقاس إثنين من المحاصيل الثمانية المؤسسة لأصول الزراعة.

جمعت أوائل قمح الإمر المبكر من بقع برية من الأفراد الذين عاشوا في موقع اوهالو2 الأثري في فلسطين قبل 23000 عام. بينما وجدت أوائل أصناف الإمر المزروع في جنوب بلاد الشام في موقع التل الأسود بينما وجد قمح القفقاس في شمال بلاد الشام في أبو هريرة ومريبط والجرف الأحمر وهضبة جوبيكلي.

مواسم الخير في الرقة. سوريا. عام 2019. المهندس خالد العلو.

التغيرات خلال التدجين

تكمن الفروق الأساسية بين الأنواع البرية والمدجنة من القمح في إمتلاك الأنواع المدجنة حبوباً أكبر ذات قشور ومحور سنبلة غير منفرط. وعندما ينضج القمح البري ينفرط المحور بحيث تتمكن البذور من الإنتشار وتنتش بدون قشور بسرعة ولكن تلك الهشاشة المفيدة طبيعياً لا تناسب البشر الذين يفضلون حصاد القمح من النبات عوضاً عن جمعه من التربة.

وربما حصد المزارعون القمح بعد نضجه وقبل أن ينفرط ذاتياً وبالتالي جمعوا القمح الذي بقي ملتصقاً بالنبات. ومن خلال زراعة تلك البذور في الفصل التالي قاموا بإكثار النباتات ذات المحاور التي تتأخر بالإنكسار. وتم انتقاء خصائص أخرى مثل حجم الحبة وفصل النمو وطول النبات وحجم السنبلة.

وبحسب عالم النبات الفرنسي اجاثي روكو ورفاقه تسببت عملية التدجين بتغيرات عديدة في النبات والتي تولدت بشكل غير مباشر. وبالمقارنة مع قمح القفقاس يملك القمح الحديث ديمومة أوراق أقصر ومعدل صاف أعلى من التمثيل الضوئي ومعدل أعلى من النتروجين و إنتاج الأوراق. كما أن أصناف القمح الحديثة ذات جذور سطحية ونسبة أعلى من الجذور الدقيقة و تستثمر الكتلة الحيوية فوق الأرض بدلاً من تحت الأرض.

توازن الأنواع القديمة ضمن آلية موروثة بين الوظائف فوق وتحت التربة ولكن الإصطفاء البشري للخصائص الأخرى دفع بالنبات لاعادة التهيئة وبناء شبكات جديدة.

كم من الزمن إستغرق التدجين؟

تتمحور أحدى النقاشات الدائرة اليوم حول الزمن الذي استغرقته عملية تدجين القمح. يعتقد بعض العلماء أن العملية كانت سريعة نسبياً على مدى عدة قرون. بينما يقول آخرون أن العملية من الزراعة إلى التدجين استغرقت ما يقرب من 5000 سنة. وتتوافر أدلة عديدة أنه قبل 10400 سنة انتشر القمح المدجن وشاع استعماله عبر بلاد الشام ولكن زمن ابتداءه لا يزال محل نقاش.

عثر على أول دليل لقمح القفقاس وقمح الإمر المدجن في موقع أبو هريرة في سوريا في طبقات يعود تاريخها إلى أواخر العصر الحجري قبل 12000 إلى 13000 سنة ويعتقد بعض العلماء أن الدليل لا يثبت زراعة متعمدة في ذلك الوقت ولكنه يشير إلى تنوع في الغذاء المعتمد على الحبوب البرية بما فيها القمح.

الإنتشار حول العالم: جرف بولدنور

يعتبر انتشار القمح خارج موطنه الأصلي جزء من عملية تسمى تحضر العصر الحجري. و الحضارة المرتبطة بإدخال القمح ومحاصيل أخرى من آسيا إلى أوروبا هي حضارة ليندارباندك يراميك والتي ربما تشكلت بشكل جزئي من مزارعين مهاجرين وبعض جامعي الثمار والصيادين الذين تبنوا التقنيات الوافدة. وهذه الحضارة تعود في أوروبا إلى ما بين 5400 و4900 سنة. ولكن دراسات الحمض النووي المؤخرة في جرف بولدنور على الشاطئ الشمالي لبريطانيا حددت حمض نووي قديم مما يعتقد أنه قمح مدجن. لم يعثر على بذور القمح وشذر وغبار طلع في ذلك الموقع ولكن تسلسل الحمض النووي من الرسوبيات قرب قمح الشرق الأدنى كانت مختلفة وراثياً عن الأشكال الأوربية. حددت إختبارات أخرى في جرف بولدنور موقع مغمور يعود للعصر الحجري الأوسط على عمق 16 متر. وتموضعت الرسوبيات هناك قبل 8000 عام وقبل عدة قرون من المواقع الأوربية و يقترح العلماء أن القمح وصل إلى بريطانيا عبر السفن.

تساءل علماء آخرون عن التاريخ وتحديد الحمض النووي وأنه كان بحالة جيدة بحيث لا يمكن نسبه لتلك الحقبة القديمة. ولكن التجارب اللاحقة التي قام بها عالم الوراثة التطورية البريطاني روبن الابي وذكرت من قبل واتسون عام 2018 أظهرت أن الحمض النووي القديم من رسوبيات تحت سطح البحر أكثر نظافة من العينات المأخوذة من مواقع أخرى.

# سفيربرس ـ ترجمة المهندس الزراعي إبراهيم عبدالله العلو

المصدر:

https://www.thoughtco.com/wheat-domestication-the-history-170669

Wheat Domestication

The History and Origins of Bread and Durum Wheat

K. Kris Hirst

Updated April 17, 2018

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *