إعلان
إعلان

” أبو طلال “عميد القرّاء والفقراء ..جسر تحت جسر ..وداعاً_ بقلم: ليلى صعب

#سفيربرس

إعلان

دُوس الدني،
رجلَك عَتيقة ودربك مْضوّي،
وطْلاع
أبواب السّما تَفصيل عا قَدّك،
ألله، كِتر ما استكتَرَك،
ناداك تَيعدّك!
إيدك حنونة
وعالمة،
وقاسي القلب هوّي،
حاول دخيلك، علّمو،
شو الحب، شو القوّة..

حاسس
مِتل قلبي ترَكني وداير يلاقيك
هيك العشَم؟
تترُك ولاد تلملم خْطاويك؟
لَو بعرفك رايح
كِنت كترت من نورك
والله يا بيي ما قصدت
من شهر ما زورك!

كَمّل طَريقك
هالدني بشعة على عينيك
وما ضل في عنا كتب تستاهلك
كمّل، متل شي نجم أو كنّك ملك
ودخلك إذا وصّلت طمّني
يمكن بَعد في كتاب بالجنة
وفي ناس عم تنطر نبي تيعلّما تقرا
خِدهن متل ما خَدتنا
عَا جنّة الفِكرة.
سليمان يوسف
بهذه الكلمات نعى احد محبي وراق دمشق (ابو طلال كرم)
حين تتفوق زاوية على الرصيف كل صروح الثقافة من حيث التاثير …
ويتجاوز رجل فقير بسيط مثقف كل الياقات المنشاة والحروف المنمقة
رحل صاحب اشهر مكتبة رصيف في دمشق ..محطما كل الشماعات التي علق عليها الفاشلون خيباتهم …
وداعا ابا طلال …

يشرق صباح جديد ..يغذ الاف الاشخاص والطلاب الخطا ..تتقاطع خطواتهم قرب الدرج المؤدي الى تحت الجسر …تسكن الدهشة اعينهم ..يبحثون قلقين ..شيء ما تغير ..سواد لف زاوية كانت تشرق بطاقة ايجابية تشعرهم بالامان ..احد اعمدة الجسر العتيقة تهالك وتهاوى ..غادر على عجل ..(ابوطلال )لم يكن انسانا عاديا ..لم يكن مثقفا بربطة عنق وحقيبة جلدية لامعة ..ولم تتأبط شقراء جميلة طارئة على الثقافة ذراعه الى منبر دمشقي ..
لم يغادر كرسيه القديم على الرصيف ..فكيف استطاع ان يمد كل هذه الجسور مع الشباب والشابات والمثقفين ..؟كيف استطاع ان يحقق ما عجزت عنه مؤسسات تقيم عشرات الفعاليات الخلبية البراقة ..ولا يلتفت اليها طالب جامعي ..في مقتبل العمر ؟
عرفته لاول مرة منذ ثلاثين عاما ، يومها كنت مدمنة لمكتبات الرصيف ومنها اقتنيت معظم كتبي ، ايام تفصلني عن التخرج من كلية الاداب قسم اللغة العربية وابحث عن مسرحية” الذباب” “لسارتر “ولم اجدها في المكتبات ..والنسخ الموجودة في المكتبة الوطنية والظاهرية اصطف الطلاب القسم صفوفا لاستعارتها …
سالته عنها ..بعد ان وقفت طويلا اقلب صفحات الكتب المرصوفة بعناية على بسطته ..
قال :انت طالبة لغة عربية ، قلت نعم ،قال لي : عندي ولكن ليس للبيع ،تغيرت ملامحي ،لكنه اردف :عندي نسخة واحدة ،والكثير يطلبها لاتكوني انانية ، ابتسمت :قال خذيها استعارة ، اكتبي عنها واعيديها كي يستفيد منهاطلاب اخرون ،ثم انطلق يحدثني عن سارتر وافكاره وعن المسرحية وارادة الانسان ووجوده وعلاقة سارتر بسيمون دي بوفوار ،
اعدت الكتاب بعد اسبوع عرضت عليه مالا قال انجحي بالمادة وتخرجي هذا الاجر الذي اريده،اشرق الامل في قلبي سيما وانني كنت في مرحلة اواجه فيها الكثيرين من مشوهي الضمير الذين يكسرون مجاذيفي ….
تتالت زياراتي واحاديث ابي طلال ، قلت له بمرارة ذات يوم : يقلقني جدا مصير مكتباتنا هل ستغدو على الرصيف ، تنهد وحدثني :ذهبت الى حلب لشراء مكتبة تعود الى احد اهم مؤرخي سورية ،ولن اذكر اسمه حفاظا على كرامته ، والله يا ابنتي لم تصبر زوجة ابنه حتى نأتي بالعمال والسيارة لترحيل الكتب التي تشغل جدران شقة كاملة ، كانت على عجلة من امرها تريد توضيب الشقة ، بعض الكتب التي وجدتها لديه تساوي الاف الليرات ولكني اثرت انا الرجل الفقير ان احتفظ بها في مكتبتي ، يومها قال لي انه اشترى المكتبة ب300 الف ليرة سورية ،
رحل ابوطلال ….احد ابرز معالم دمشق الثقافية ، صاحب الفكر المنفتح النير ، والقلب الطيب ، صاحب الثقافة الواسعة ، الناقد الحصيف ، رخل بدون ضجيج الا نحيب احبته من طلاب العلم ومحبي القراءة الذين زرعت كلماته الامل في قلوبهم …
نجح ابو طلال ..فيما فشل فيه كثيرون ..ممن يشتكون من العزوف عن الثقافة والقراءة والانشطة المعلبة …ورواد المنابر من المدعين …
بربكم ..هل رأيتم هازن مكتبة عامة او مدير مؤسسة ثقافية يحمل كتابا او يقرأ مما تحويه دكانه الثقافية …لم يسقط الكتاب من يد ابي طلال ..
لروحك الرحمة ..وللعشرات الذين بكوك ابسلوى …والعزاء لكتبك المنتظرة ليديك تخرجها للنور ..قلت لي ذات يوم :هذه الكتب ارواح وليست جمادا *فهل ستخرج هذه الارواح مودعة وهل ستقيم احزانها قرب قبرك ..

# “أبوطلال اكرم ” وراق دمشق وأحد جسورها وداعاً ..

#سفيربرس _ بقلم: ليلى صعب

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *