إعلان
إعلان

اللّغة العربيّة كنزُ الأمة .. بقلم : الأستاذة . راغدة شفيق محمود

#سفيربرس

إعلان

اللّغةُ هي الحصنُ الحصينُ لأيّ أمةٍ , وهي مستودعٌ لحفظِ تراثها ووسيلة للتواصلِ بين أبنائها , ومدونة لفكرِها وقيمها واللّغة اصطلاحاً يقولُ أبو الفتح عثمان بن جني في كتابه الخصائص ( أصواتٌ يعبّر بها كلّ قوم عن أغراضهم ) أما العالم اللغويّ السويسري فردينا ن دي سوسير ( اللّغة والصوت والمعنى جزء من الكلام . فهي نظام من الرموز المختلفة تشير إلى أفكارٍ مختلفةٍ .
واللّغة العربيّة هي كنز أمتنا لغة الضاد هذا الحرف لم تعرفه أيّ لغة إلا اللّغة العربية ,وهي الّتي خاطب بها الله عز وجل البشريّة جمعاء , فنراها متكاملةً من حيثِ جهاز النطقِ لتشكلَ مدرجاً صوتي واسعاً تتوزعُ فيه مخارجُ الحروفِ توزيعاً متعادلاً من الشفتين إلى أقصى الحلق . وهي تتفوق بذلك على الكثير من اللغات .
• هوية اللغة العربيّة وفق الإحصائيات العالميّة :
يتحدثُ حوالي ( 422) مليون إنسان اللّغة العربيّة ضمنَ الوطن العربيّ وخارجهِ. فهي لغةٌ مقدسة عندَ المسلمين وكذلك لغة شعائريّة رئيسة لدى عددٍ من الكنائسِ المسيحيّة وهي من أغزر اللغات من حيث مادتها اللغوية بالنظرِ لمعجم لسان العرب لابن منظور نجده يضم ( 80 ألف ) مادة في القرن (13 ) وبمقارنته مع أوّل قاموس انكليزي لصموئيل جونسون في أوائل القرن (18) نجده يحوي
( 42ألف )كلمة .
لغتنا العربية هي سلسلة مترابطة من القيم الروحيّة المقدسة والمشاعر والأحاسيس والأنظمة والعقائد الّتي تجمعُ العربَ حولَ عنق العروبة . فالوحدة اللغويّة استطاعت التفوق على وحدتنا السياسية الّتي مرّت بعصور ودول وبقيت لغتنا صامدة تستنهضُ أبناءها للتغلبِ على المحن والرزايا . فاللحن كانَ عيباً من عيوبِ المثقف ,أمّا في يومنا هذا لا يبالي مثقفو عصرنا وهم يصدحونَ بصوتهم الرّنان على المنابر بفضائح لسانهم وعيوب لفظهم وضعفِ فهمهم واضمحلال فكرهم والجهل بقواعدِ لغتهم .
فرحم الله عبد الملك بن مروان حيثُ علقَ على سرعة وصول الشّيب إلى رأسه ( شيّبني ارتقاءُ المنابرِ ومخافةُ اللّحن )

• محاربة الفصحى ظهر مع بداية الاستعمار الغربي لمّا للّغة العربيّة من أصالةٍ وأهميةٍ فاستطاعَ نشرَ الفرنسيّة والانكليزية وأضعفَ شأنَ العربيّة وكان للعربِ دورٌ في ذلك ومن يقرأ للطيب صالح روائي سوداني ( موسم الهجرة إلى الشّمال ) يجدْ البطلَ مصطفى سعيد يقفُ أمامَ القضاةِ الانكليز وقد عيروه بأنّهم أقاموا المدارس في بلده ليعلموا شعبه .
فرد ( بنيتم المدارس لنقولَ لكم نعم بلغتكم ) نحن أمامَ هذا التخلفِ والانقسامِ وتقصيرِ مجامع اللّغة العربية والجامعات في إعداد الخريجين وعدم الانتباه لما يصرح به الأعداء . قالَ ( ليفي إشكول ) أحدُ قادةِ الكيان الصهيوني ( لن نسمحَ بوجودِ لغة واحدة ودين واحد وشعب واحد في الشّرق الأوسط ) و ( ابن جوريون )أوّل رئيس وزراء للكيان الصهيوني ( لن نخافَ العربَ إلا إذا رأيناهم يقرؤون القرآن ويسيرون على ما فيه من أحكامٍ , لذا واجبنا تحطيمُ وتفتيتُ وحدةِ المسلمين أيّنما كانوا بالقضاءِ على الدين ولغة القرآن /
تجاربٌ رائدةٌ في حفظ اللّغة :
• وبالرغم مما يواجه لغتنا من تحديات خارجية وداخلية إلا أنّنا نجدُ تجاربَ رائدةً في ميادين حفظِها في مصرَ عام /1827/ قامَ الأساتذة في مصر بترجمةِ معجمٍ فرنسي في المصطلحات الطبيّة إلى العربيّة وكان له صدىً كبير حيث أرسلت اليابان في القرن /19/ بعثة إلى مصر لدراسة التجربة وعادت لتطبيقها في اليابان .
• وفي دمشق /1919م / تأسيس المعهد الطبي العربي والّذي تحوّلَ إلى كلية الطب بجامعة دمشق ليثبتَ بعزيمةِ القائمين عليه أن عجزَ اللّغة العربيّة وهمٌ يسوّقهُ بعضُ المتخاذلين .
*. اللّغة العربيّة وارتباطها بالتعليم :

اللّغة كائنٌ حيّ يعيشُ بالتواصلِ والعناية والاهتمام , بنيتهُ ستضعفُ وتموت إن لم يقترنْ بالتعليم والتربيّة . المعلمُ الذي لا يحددُ الهدفَ لكلِّ درسٍ من دروسِه , وفي ذهنهِ يثبّتُ الهدفَ العام للمادةِ فهو لن يحققَ الّنتائجَ المرجوةِ لواضعِ المنهاجِ .والشيء الّذي يجبُ التركيزَ عليه هو الاهتمامُ باللّغة العربيّة في مراحلِ التّعليمِ الأولى فالطالبُ في سني حياته الأولى إن لم يتقدمْ في القراءة سيتأخرْ في جميع الموادِ وما من شيء يصقلُ شخصيّةَ أفرادِ المجتمعِ كالمعلمِ المربي فهو المثلُ والقدوة فإن كانَ بارعاً ورعاً حافظاً محافظاً على لغتهِ جعلَ المقتدى يصنعُ المعجزاتِ .
*• تأثير العامية واللهجات على اللغة فهي تقطعُ التواصلَ بين الشعوبِ العربيّة لأنّها دعوةٌ استعماريةٌ لتحطيمِ حضارتنا وما بناهُ أجدادُنا . هل ما وصلَ من الأجدادِ في عصورِهم الذهبيّةِ خُطّ بالعاميّة واللهجاتِ أم وصلتنا كتبٌ بكلماتٍ مسبوكة بخيوطٍ من ذهبٍ وماسٍ .
*• اللغة العربية والترجمة :
ما أشهر الكتبِ العربيّة الّتي تترجمُ للغاتِ العالميّة ؟
سؤالٌ حيرني وأنا أطالعُ ما يترجمُ للسوقِ العالميّة ولكن مقالةً للكاتبِ الفرنسيّ براين ويتكا Brian whitaker في صحيفة الجارديان كشفَ أنّ اللّغة الانكليزيّة هي الأقوى عالمياً والسببُ الامبراطورية البريطانية والتفوق الأمريكي العالميّ واستغربَ كاتبُ المقالِ أنّ اللّغةَ العربيّة هي السادسةُ عالمياً والملايينُ تنطقُ بها ولكن لا تحظى باهتمامِ الغربِ لأسبابٍ ( لغةٌ صعبة – نقصُ المترجمين الضالعين باللّغة – الناشرين من العربِ لا يقومون بجهودٍ لعرضِ كتبهم في الخارجِ ) وأنّ الغربَ لا يهتمُ إلا بالكتبِ التي تصوّرُ قضايا النساءِ في المجتمعاتِ الإسلاميّة وقد نجحتْ ( نورما خوري في روايتها ( الحبُّ المفقود ) والذي عنوانُه في أمريكا ( الشرفُ المفقودِ ) على تسويقه أنّه قصةٌ حقيقية تصورُ القتلَ المتعلقِ بالشّرف في الأردن فقد خطفَه ناشرٌ كبيرٌ وباعَ (250) ألف نسخةٍ في أنحاءِ العالم قبلَ أن يُكتشفَ أنّه خدعةٌ .
إذن ما ينقصنا لخوض العالميّة هو ضعفنا في النشر والتسويق .
*• أنا أثق أنّ هذه الهجمات عاجزة عن قطع صلتنا بأجدادنا وهذا ما تثبته الأيام فعندما كتب الروائي الفرنسي جول غابرييل فيرن روايته الشهيرة ( رحلة إلى مركز الأرض ) والتي صدرت عام /1873م/ بناها على أساس الرّحلة الخياليّة وأشكره لأنّه أفضل من كثير ممن يدّعون الثقافة العالميّة فهو يقرّ داخلياً برحلة المعريّ الخيالية وإن لم يصرح بذلك جعل أبطال روايته يدونون باللغة العربيّة نقطة الوصول لباطن الأرض وعندما سُئل عن السبب قال ( إنّها لغة المستقبل ) نعم لغتنا قوية ومتينة وتحتاج اهتمامنا ورعايتنا ولديها الكثير من الأبناء المخلصين الذين يعلمون أنّها أقربُ اللغاتِ إلى المنطق وأكثرها اختصاراً وتستطيعُ التعبيرَ عن خوالج النفوسِ بأجمل الصور .

#سفيربرس _ بقلم : الأستاذة. راغدة شفيق محمود

سفيربرس _ بمناسبة الإحتفاء بيوم اللغة العربية
إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *