كتبت سعاد زاهر … تنافس على الحياة… لعبة الاختباء “طميمة ” عالمية….!

قبل حوالي اسبوعين…
الإيقاع يتباطئ ..أويتصاعد ..وأنا أشعر أنه علي الاختباء سريعاً..إلى هذه الدرجة الخارج موبوء..؟!
انه حواري مع نفسي، وأنا أستنشق هواء دمشق، للمرة الأخيرة قبل حظرنا، نحن ساكني الأرياف، وها أنا أفتح باب منزلي الحديدي الخارجي، وأدخل ممر الحديقة ذو البلاطات الدائرية الفاتحة، أمشي بحذر مبتعدة عن الأعشاب التي تبدو منتشية وهي تقترب من ربيع خاص، لم نشهد له مثيلاً يوما..
أحسد تلك الاعشاب الندية، انها لا تدري ما الذي يحل بنا نحن البشر، ستكون بخير، أقول في سري: وسأعتني بها، بطريقة لم تألفها يوماً، مع بدء عزلتي المنزلية…ستنعم براحة، إلا إن كانت قد اعتادت أن تكون بمفردها ، ولا أدري كيف سأثبت اكتشافي الأخير…!
بينما أنقل أغراضي بهدوء وتمهل وكأنني أودع شارعي فقد لا أخرج منه الا لطارئ ما، رأيت جيراني ينقلون أغراضهم بسرعة، وبدلاً من ركن سيارتهم..هاهم يسرعون في طريق العودة ويلوح لي جاري مودعاً بعد ان سألني ان كنت أريد شيئاً ..؟!
أطبقت الباب..وأنا موقنة أنني لن أحتاج الى أي شيء قبل مضي أسبوعين…!
اليوم مضى على وجودي في منزلي اسبوعين، لم أفكر خلالهما بالخروج، مع أن لدي نقصاً في العديد من المستلزمات، انسى وأحاول التكيف…!
أحيانا..بينما تشرق الشمس وتغرب بسرعة رهيبة…
أعود الى طفولتي حين كنت أنا واخوتي صغاراً نخترع ألعاباً طفولية نتسلى بها، أبرزها لعبة “طميمة”…تلك اللعبة الشعبية المحببة ، وفيها يختبئ أحدنا، ولايفتح عينيه الا بعد أن نختبئ جميعاً فيبحث عنا حتى يجدنا والفائز من لم يعثر عليه..!
أشعر اننا اليوم نمارس لعبة الاختباء، “طميمة” عالمية، يختبئ فيها نصف سكان العالم تقريباً ،حوالي (3) مليارات في منازلهم، يطاردنا فيروس لعين..تتعالى معه الايقاعات..الحوارات الذاتية..الاختراعات العبثة…من داخل فضاء سينوغرافي مهما اتسع يبدو ضيقاً للغاية، طالما أن القيد يأتيك من فيروس، قتالنا معه، رمى بنا إلى هوة لانهائية على صراع بشري محموم..يطال أبسط الاشياء وأعقدها..من الاغذية والمعقمات..وصولاً الى ألبسة الوقاية والكمامات والمصل المنتظر…!
بعد مضي هذا كله…حين سيقال لنا جميعاً (فتح) .. هل سنكون مستعدين للخروج مجدداً..؟!!

#سفيربرس _ بقلم:  سعاد زاهر