إعلان
إعلان

فتيات من مدارس أبناء الشهداء .. أديبات صغيرات

#سفيربرس _ ماجدة البدر

إعلان

الجدة؛ تلك السيدة العظيمة الَّتي تتربع في ذاكرتنا على عرش القصص والحكايات، روت لنا القصص الجميلة الَّتي استمتعنا بسماعها، وعملنا بها من دون أن نعرف أنها تروي لنا هذه القصص والحكايا لتقوم سلوكنا، وترشدنا إلى الطريق الصحيح…
يعدُّ الأدب الموجه للطفل من أصعب أنواع الأدب لأنه يتجه في مساراته اتجاهاً تربوياً تقويمياً، ثم يلي ذلك المتعة وقضاء الوقت المفيد في القراءة والاستفادة مما نقرأ..
وهو من أسمى أنواع الأدب، تأثيره بعيد المدى في ذاكرة الطفل.. حيث تترسخ القيمة التربوية من خلال القصة في قلبه ووجدانه مدى الحياة..
عقد الملتقى الأدبي الثقافي الشبابي الشهري لفرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب جلسته السابعة لعام ٢٠٢٠م في مقر الفرع بدمشق، الاثنين: 26 تشرين الأول ٢٠٢٠م بحضور هيئة الفرع وعدد من الأدباء والشعراء والنقّاد والمتابعين والمهتمين، أدار الملتقى الشاعر قحطان بيرقدار.
استضاف الملتقى السيدة أريج بوادقجي: (رئيسة تحرير مجلة شامة): (سيداتي سادتي، الأساتذة والزملاء والأصدقاء الأعزاء، قد لا يختلفُ اثنان على محبة أدب الأطفال، فإن قام كلّ واحدٍ منا الآن بفتح قلبه والنظر إليه، سيجدُ قصة مختبئة هنا وهناك مازالت تنعش روحه وتلهمه حتى هذه اللحظة.
ومن هنا قد نتفق جميعاً على أهمية أدب الأطفال، وخصوصاً القصة، وذلك لقدرتها العالية على جذب الطفل وتشويقه، وملامسة يومياته، ومشاكله الصغيرة وأحلامه…
بل للقصة الإبداعيّة الموجّهة لطفلنا الصغير دورٌ في إلهامه، وبنائه، وترميمه، وتنميته فكرياً ولغوياً واجتماعياً، وبالتالي تنميته إنسانياً، فهنالك طفلٌ رائعٌ خلفَ كلّ طالب مكبوت..
كل هذه الأمور أصبحت بدهية، ومتفق عليها حضارياً، لذا لن أتحدث كثيراً عن أهمية أدب الأطفال والقصة الموجهة للطفل، بل سأتحدث عن كيفية التأثير بطفل اليوم معرفياً وقيمياً وجمالياً، لبناء إنسان المستقبل..).
شارك في الملتقى العديد من الأدباء والأديبات الشابات..
كانت أولى المشاركات الكاتبة أميرة مبارك، وهي كاتبة قصص وسيناريو مواليد دمشق 1984، درست في جامعة الأزهر الشريف – القاهرة، وأكملت دراستها بعد ذلك في جامعة دمشق، بدأت الكتابة منذ عام 2006، ليصدر لها العمل الأول وهي رواية بعنوان: “خذلان بطعم الحلوى” عن دار الآن ناشرون الأردن 2018، ثم أصدرت مجموعة قصصية للأطفال بعنوان: “حلم جميل وجدته.. 2018، وتلا ذلك “قصر فوق الغيوم” الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2019. قرأت قصة : بعنوان: “حلم جميل… وجدته”، تتحدث من خلالها عن فأرة عملت بجد لتفوز بجائزة السباق الَّذي أعدّت له كثيراً والذي أخذ من وقتها ولعبها وحياتها الكثير، وتدربت وقفزت وانتظرت طويلاً ، وجهزت ثوب الاحتفال واستلام كأس البطولة الَّذي ستناله بعد الفوز.. ولكنها خسرت، مما دفعها لاعتزال الآخرين والبقاء في المنزل، تأكل وتنام، حتى ازداد وزنها أكثر، وثقلت حركتها، وفي النهاية اكتشفت (كم من اللحظات الرائعة كنت أستطيع أن أعيشها وأتمتع بها، ضيعتُها من أجل حلمي الَّذي فقدته، حلمٌ واحد، كان بإمكاني أن أعيش عوضاً عنه أحلاماً كثيرة، وقد تكون أجمل منه أيضاً… سأعيش حياتي بكل دقائقها وتفاصيلها، وأحافظ على شغفي في العيش واستنشاق الحياة، قد تسقط مني أحلامٌ ولكنني سأحاول دوماً الوصول ولن أضيّع نفسي مرة أخرى..
استخدمت الكاتبة أسلوب السرد البسيط، لسرد قصتها.. فمن الممكن أن يخذلنا الحلم ولذلك يجب علينا أن نختار حلماً آخر نستطيع تحقيقه دون أن نخسر تلك اللحظات الجميلة الَّتي تمنحنا إياها الحياة….
*أروى شيخاني، (عازفة الكمان في الفرقة السيمفونية الوطنية)، لم يستطع حبها للموسيقا وشغفها بها، أن يطغى على موهبتها الداخلية في كتابة القصص للأطفال، هي الَّتي عشقت الكتابة منذ نعومة أظفارها حيث كانت تكتب مذكراتها، تدون فيها أهم أفكارها ورؤاها.
فالولوج إلى عالم الطفل والكتابة له يجعل الكاتب كالنحلة في دأب دائم للعمل والقراءة والمطالعة وتدوير أدواته الفنية
*(يوم خارج المقلمة).
هي القصة الَّتي قرأتها أروى، والتي تروي عن يوم يقضيه قلم الرصاص في اللعب واللهو مع الممحاة خارج المقلمة، مما يؤدي إلى وقوعه وانكسار بوزته، حيث سارعت أقلام التلوين إلى مساعدته، وحملته المسطرة على ظهرها، وعاد الجميع بعد أن قضوا مغامرة لطيفة خارج المقلمة، وفي النهاية، شكر القلم أصدقاءه معتذراً عن الذهاب للمدرسة..
القصة تحمل قيمة تربوية مهمة جداً، وهي خروج القلم للهو واللعب في وقت غير مناسب، واصطحابه الممحاة الَّتي محت طريق العودة، ثم رغبة الأقلام بترتيب حاجياتها، حتى لا تتأخر عن المدرسة.. وفي النهاية، ينام الجميع مبتسمين..
رمش راما الأخير…
ميس العاني، (إعلامية، ومحررة، كاتبة قصص أطفال) لها العديد من القصص المنشورة في مجلة أسامة..
الحب الَّذي يجمع بين الأختين، هو محور قصة ميس العاني، حيث اعتادت نور أن تجلب لأختها الصغيرة راما هدية صغيرة من مصروفها اليومي لكي تدخل الفرح إلى قلبها، بعد أن عانت من مرض في جسمها، وهي بحاجة لإجراء عمل جراحي، يقتل كل الدود في جسدها، ويعيد إليها شعرها الجميل الطويل، فتذكرها أختها نور بأنها فتاة شجاعة وقوية، وهي فخورة بها..
وكانت هديتها اليوم هدية مميزة، حيث قامت بقص شعرها، وصنعت منه ضفائر ذهبية، ترتديها شقيقتها بعد الخروج من العملية. يغمر الفرح قلب راما، الَّتي تضع الشعر المستعار على رأسها مبتسمة، في حين يتساقط رمشها الأخير على راحة يدها الصغيرة، فتحمله برفق وتعطيه لأختها، الَّتي تقرر الاحتفاظ به كذكرى حتى خروج شقيقتها من العملية، ثم سيقومان برميه للشمس عند شفائها..
تطغى على النص طفولة وبراءة جميلة محببة، بينما اختارت الكاتبة لسردها ألفاظاً بسيطة جداً، يستطيع أي طفل في أي مرحلة عمرية أن يستوعب القيمة التربوية المهمة، وهي الحب بين الشقيقتين، وتشاركهما الألم والفرح معاً..
وكان لحضور بنات الشهداء ومشاركتهم بقصص جميلة، الأثر الكبير في إضفاء جوٍّ من الفرح والرومانسية للأدب..
براعم متفتحة من بنات الشهداء يلجن مضمار الأدب..
شاركت من مدارس بنات الشهداء خمس بنات بعمر الورود المتفتحة، كتبن قصصهن على أوراق دفاترهن المدرسية، بعضهن كتبن بقلم الرصاص، وبعضهن أعدن تبييض القصة أكثر من مرة بيدها الصغيرتين الَّتي تمسك بالقلم بيد، واليد الأخرى تمسك بالمستقبل المشرق بقوة.
*العصفور زقزوق
قصة لطيفة للشابة أليسار سبأ، تتحدثُ فيها عن الطيور ومايدور بينهم من حوارات، بلغة لطيفة، فزقزوق طائر لطيف ذو صوت جميل، ولكن الطيور تهرب منه، بسبب رائحته الكريهة، وهو لا يستحم، ولكن صديقه ريموت، يساعده في تنظيف نفسه، ويعود زقزوق مشرقاً نظيفاً أنيقاً جميلاً كصوته العذب… وتستمع إليه الطيور وتشغف لسماع صوته..
قيمة تربوية مهمة جداً تركز عليها أليسارفي قصتها، وتنهيها بعبارة:
“أهمية الحياة تكمن في النظافة”.
ولا نستطيع أن نغفل ماحلَّ بالعالم نتيجة وباء كورونا وما جره من ويلات، نتيجة عدم الاهتمام بالنظافة وتبعاتها..
*رسمة يتيم.. لـ ميساء جواد
حبٌّ نشأ بين راوية القصة (ميساء جواد) وطفلة لطيفة تدعى جولييت التقتها وهي تجول في الحديقة وتدون ما تراه من خلال الرسم، الَّذي علّمه إيَّاها والدها وشجعها، ونما لديها هذه الموهبة، ولكنَّ هذا الوالد غادر الحياة، فأحبت أن تخلد ذكراه من خلال اتباع تعليماته لإنجاز لوحات جميلة..
تفوح عبارات الحزن من هذه القصة، حيث تقول: (وألحقت جملتها بـ أبي رحمهُ الله، فحزت تلك الكلمة في قلبي، وكأنها تغرس إبرة في جلد المريض لتؤلمني تلك الكلمة..فرددت : رحمه الله ووالدي معاً..
فأحبتني تلك الفتاة كثيراً، لأنها شعرت أننا بنفس الفاجعة، هي فقدان سند المنزل، والضوء الَّذي ينير الحياة.. وبدأنا بالمضي معاً لنتكلم حول حياتنا الصغيرة) حيث وجدا أن ألمهما وهمهما وحزنهما واحد.. فليبحثا الآن عن الفرح من خلال هذه الرسومات الَّتي أطلقت عليها رسمة يتيم..
*اليوم القمر سيضيء غرفتك…
تتفتح بذور موهبة فذة من كاتبة هذه القصة ريتا ميَّا، حيث تعرض فكرة لطيفة وجديدة في آن معاً، الأخت الَّتي تخاف في الليل، فتظل أختها الكبرى تروي لها القصص والحكايات حتى تنام.. ولكن عندما تجولا تحت ضوء القمر.. وأضاء غرفتها.. فأخبرتهم بأنَّها الآن ليست وحيدة فالقمر حضر لينام بجانبها ويقضي على هذا الخوف…
*أخوكم أنا…
ينعزل سامي بطل قصة روسيل اسماعيل عن رفاقه نتيجة للسخرية الَّتي يقابلونه بها، موجهة نقداً عنيفاً وبلهجة غاضبة لهذه الظاهرة الَّتي يسمونها: (التنمر) حيث تقول: (إنَّ التنمر هو ظاهرة سلبية تحدث بين أفراد المجتمع، وتكثر في المراحل الدراسية بين طلاب المدارس، ويكون على شكل إساءة بالألفاظ أو يستخدمون العنف للحصول على ما يريدون، حتى استطاع بلطفه وصبره أن يقنعهم بأنه إنسان لطيف ومحب استطاع أن يحوز على حبهم واحترامهم من خلال معاملته الجيدة لهم..
*أرخص موجود وأغلى مفقود..
إنَّه الماء الَّذي تراه عطاء حبيب أهم شيء في الوجود، ولا يستطيع ذهب العالم، ولا نفط العالم أن يحلَّ محله، وهو نعمة من النعم، يجب المحافظة عليها ولا نهدرها..
ركزت معظم القصص الَّتي ألقتها بنات الشهداء على قيم تربوية مهمة جداً، بأسلوب بسيط، ولكنَّه ينمُّ عن ثقافة واسعة، وسعة اطلاع، على الرغم من شح الموارد الَّتي بين أيديهن.. ولكنهن بحقَّ وبجدارة استطعن أن يحزن على لقب أديبات المستقبل…
* لا خوف على أدب الأطفال
ألقى أ.أسعد الديري قصيدة منها نقتبس:
في دفتري
رسمت بلبلاً صغيراً
خبأته
لأنني إذا افتتحته
أخاف أن يطيرا
وقصيدة أخرى، نقتبس منها: (لقطتي الأليفة
مواقف طريفة
فقبل أن تنام
تخبئ الطعام
تخاف أن يسطو
عليه الفأر في المنام)..
وهو يرى أنَّ أدب الأطفال بأمان مادام في متناول هؤلاء الشابات يتعاملن معه بوعي ظاهر، وثقافة واسعة..
*فلك حصرية..
أنا أشكر جميع الحضور على هذه النصوص الجميلة الَّتي سمعتها، وهي نصوص تبشر بالأمل..
المستقبل لكن بكل فخر..
*خليفة عموري..
أمسية رائعة، تنم عن ذوق مرهف، جميع ما ألقي فيها جميل، وممتع، أمسية تفخر بجمال الشهيد، وظل وارف للحياة مكللاً بأبناء الشهداء، أنا أشكر الجميع لهذا الحضور..
فتيات المستقبل واللواتي هنَّ في ريعان شبابهن، يتحول الأدب بين أيديهن إلى زهور عطرة..
حالة إنسانية جميلة الَّتي أشعر بها الآن..
ونحن فعلاً بحاجة للتضامن الإنساني والتعاون مع كاتبي هذا الأدب الفذ، لنأخذ بأيديهن إلى النجاح.. إنَّهن أديبات المستقبل…
*حسين عمر حمادة..
أزجي شكري وامتناني لكل ما سمعت ولكل من قدم قصة جميلة اليوم.. وأشكر السيدة أريج بوادقجي على عباراتها الَّتي لها مدلول تربوي وسلوكي وإنساني وعقيدي رائع..
حيث إنَّها عبرت عن إعجابها بكل ما قرأ من قصص بكلمة
يا إلهي..
وليس كما يفعل البعض باستخدام عبارات أجنبية: مثل – واو – أووو كاد… وغيرها… فكلمة يا إلهي عبارة جميلة رائعة مدلولاً ولغةً..
*الأرقم الزعبي:
سمعنا قصصاً جميلة فيها روح الأمل والحياة .. المستقبل أمامكن أيتها الشابات المميزات…
جمعية أدب الأطفال بحاجة إلى الدماء الشابة الَّتي تبث الحياة في عروقها…
ظهر التأثر بوسائل التواصل الاجتماعي على جميع النصوص الملقاة، مضفياً عليها خيالاً جميلاً..فقارئ اليوم لم يعد قارئاً نمطياً، وإنما موسوعياً..
*هيلانة عطا الله..
من الصعب جداً أن نكتب للطفل .. ويجب أن لا نستهين بهذا النوع من الكتابة..
وما سمعته اليوم لم يكن فيه أي استهتار فجميع هذه المواهب تبشر بالخير.. الوطن بخير .. الأدب بخير.. المستقبل بخير…
فالقمر بطل إحدى القصص، وقد أسندت له وظيفة جديدة، وهي أن ينام بجانب البطلة ليطرد الخوف من قلبها..
والعصفور يهتم بالنظافة..
والماء تلك النعمة الَّتي يجب أن لا نهدرها ونحافظ عليها…
أنا سعيدة بما سمعته وجميع هذه النصوص الَّتي قُرئت وأخص بالذكر نصوص (مدرسة بنات الشهداء) هي نصوص ناضجة بالفعل..
*صبحي سعيد:
أنا أشكر جميع المشاركات اللواتي قدمن لنا أدباً حقيقياً، فليس هناك أصعب من كتابة القصة بلسان الحيوانات.. هو أمر صعب بالفعل، ولكن الفتيات استطعت تجاوز هذا الأمر والتعامل معه بكل يسر وسهولة ليقدمن لنا أدباً فنياً مكتمل الشروط، وأدب رائع بحق..

#سفيربرس_ ماجدة البدر

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *