إعلان
إعلان

أنا و مديحة و الوطن ..بقلم : المثنى علوش

#سفيربرس

إعلان

حتى الثانية فجراً فقدت أهميتها بالنسبة لي كأحد أهم اللحظات شاعرية و رومنسية . لقد تركت بي أثراً عظيماً أيام الحرب القاسية التي مرت بها البلاد، لكني والله لم أكن أتصور أن يأتي هذا التوقيت و أنا في فراشي بدون أي نشاط يذكر .
قبل الحرب كان هذا التوقيت مناسباً لمغازلة مديحة و الحديث معها مطولاً عن تفاصيل لون شعرها و أظافرها، أو عن غيرتي النارية بسبب طريقة لباسها الغير محتشم بالمطلق، لكن الأمر كان لطيفاً حيث أنشغل بمتابعتها و ترقب أفظع صيحات الموضة التي أتقنتها قصداً بغية تملكي و احتكاري .
عند الثالثة يبدأ الحديث عن الطبقية و كيفية المغازلة بحسب الإنتماء … فكان الفقير يبحث عن مثل مديحة ليبيع كل تاريخه مقابل نظرة خاطفة من عينيها البنيتين. أما الغني فيبحث عن مثل إبتهاج و أساور للتغلب على آخر نزواته أو لإثبات جدارته في كل المجالات .
أنا شخصياً لا أنتمي إلى أي من الطبقتين .. لكن مديحة اعتبرها ذروة أمنياتي كونها أشبعت حواسي و تمكنت من اغوائي كما يجب . فالإغواء فن لا تتقنه الفتيات الصغيرات، خصوصاً عندما يتعلق الأمر برجل ناضج يقرأ الجسد من خلال أحاسيسه و تخيلاته لا من خلال الشكل أو الصورة .
دخلت سنوات الحرب و حافظت مديحة على تواجدها بين تفاصيلي المتكاثرة، لا بل ازداد شغفي أكثر عندما تأتي مكسورة الخاطر و تطلب مني إصلاح ما كسره الزمن، لكنها رحلت باكراً جداً حتى قبل أن تتسلم بطاقتها الذكية، و قبل تفشي المرض اللعين. رحلت هكذا بدون مراسم و بقيت هنا بمفردي أحلم بالعودة ألف سنة إلى الوراء كي أستعيد مديحة بمفردها ولو على حساب الثانية فجراً، المهم أن تعود مديحة.

#سفيربرس _ بقلم : المثنى علوش

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *