إعلان
إعلان

صياغات مبدعي حروف القصة القصيرة في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب …

#سفيربرس _ ماجدة البدر

إعلان

ظهرت على الساحة الثقافية والفكرية مجموعة من الفنون الأدبية التي لاقت اهتماماً ورواجاً كبيرين بين القراء، ومن بينها (القصة القصيرة، والقصة القصيرة جداً)، ومع الوقت صار لها تاريخ عريق، أثمر عن ظهور أعلام كان لهم دورٌ عظيم في دفع عجلة تقدم هذا الفن والسمو به، من خلال ما قدموه من أعمال أدبية جديرة بالدراسة والاهتمام..
*ماهي القصة القصيرة؟…
هي سرد لمجموعة من الحوادث أو لحادثة واحدة، قد تدور القصة القصيرة حول يوم واحد لشخصية الرئيسة وهي التي يتم التركيز عليها وعلى أفكارها وتصرفاتها. يمكن أن يكون هناك شخصيات ثانوية أخرى تتفاعل معها الشخصية الرئيسية ، فتتدفق من خلالها أفكار ومشاعر الشخصية من خلال عبارات جميلة، وصور معبرة تستطيع أن ترسم لوحة جميلة أمام القارئ فيسير في دروب القصة ويعيش مع شخصياتها تلك المدة القصيرة للقراءة حتى تسمو به إلى الإدهاش والإبداع الذي يضمنه الكاتب إياها..
***
أقام فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في مقره الكائن بدمشق أمسية قصصية شارك فيها: (أ.محمد باقي محمد، أ.سهيل الديب، أ.نصر محسن)
وذلك بحضور د.إبراهيم زعرور، رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، أ.أحمد خدام السروجي، أمين الصندوق، أدار الفعالية، القاص وأدار الندوة القاص أ.أيمن الحسن، أمين السر.
**
أنبياء نصر محسن..
الاسم: نصر محسن
كاتب من مدينة طرطوس، حاصل على إجازة في الإعلام، من جامعة دمشق، عضو اتحاد الكتاب العرب، جمعية القصة والرواية، نال أعماله العديد من الجوائز (الجائزة الأولى المسابقة المزرعة /السويداء/ 2007، الجائزة الثانية لمسرحية الطفل في دولة الإمارات العربية المتحدة 2000)
***
من مشاركته (الأنبياء ) نقتبس:
كيف لمقيّدٍ في زنزانة أن يرسم حين يرغب؟! فقط ما ينتجه الخيال يحقّق له رغبته، كما يهدِّئ الألم، قبيل مجيء الرّقيب، قررت ذلك، لكنَّه جاء وأبعد القرار هدّدني:
– سأسحب حليب أمّك من عظامك..
هو يستطيع، لا أشك في ذلك، يتوجّب عليَّ إذاً أن أحاول الحفاظ على نسغ امتدَّ من أمي إليَّ، عشت عليه أربعين عاماً، ربعها تقريباً في هذا المكان الخانق، أتكئ على العظام الهشَّة، والذَّاكرة، والحنين الذي يتولّد منه نقيضه، على النظرة المتحدية، أحسّها سلاحي الأخير، أحاربهم بها، وأخسر فكم من المعارك دارت؟!.. أقطّب حاجبيّ عابساً، فيبتسمون بسخرية، وينهالون ضرباً وركلاً لكلّ رقيب أسلوبه في التّعذيب ، وجسدي حقل تجارب فاشلة..
حين هدَّدني الرقيب لم يدع لي مجالاً لأطعنه بنظرتي، فقد حسم نتيجة المعركة قبل بدئها، لم ينظر إلى وجهي، فقط تناول بهدوء كفّي الأيمن وثبّته في آلة صلبة، وبملقطٍ باردٍ التقط ظفر سبّابتي، وبدأ يسحب شهقت بالمقلوب دون أن أسمعه، ترك الظفر معلّقاً، ورمقني بنظرة تحمل الكثير من الوعيد، ثم ابتسم بلؤمٍ أصفر:
– سأتركه لك.. فقد يفيدك في حكّ جلدك…
لم ينس الرقيب أن يبصق ويشتم قبل أن يخرج، صار للّؤم لونٌ في نظري، كما للألم، فقد رأيتُ لوناً أصفر على وجهه، يشبه إلى حدٍ بعيد لون الألم الذي تركه قبل أني خرج.. وحين أنسى يتكهرب جسدي، أعضّ على شفتي وأبتلع قهراً أدمنته، وقبل أن أنام أبعد كفّي الأيمن عن طرف غطاءٍ رقيق، متيبس ومتسخ يحمل بين أليافه روائح لا حصر لها.. وكائنات صغيرة لا تنشط إلا أثناء الليل، أحبّها لها فضل عليَّ فقد جعلتني أميّز الليل من النهار..
……. ما أجمل أن أستعيد أشيائي القديمة، ابتسمت الأم العظيمة، نزلت عن الجدار واقتربت مني، مسحت على شعري، تناولت يدي وأنهضتني، واتسعت النافذة أكثر، فخرجنا، خلف النافذة غابة بكر امتدت على مساحة لا يحدّها نظر، غابة لم يعبرها أحد سوانا، فوق الغابة: بدأت حديثها:
– لا يمكن أن ينتهي الحليب يا بنيّ، لا تحزن حين يهددك الرقباء ألا ترى الحوريات وجرارهنَّ، هنّ يوزّعن الحليب على المقهورين في هذه الأرض، لتزداد عظامهم قساوة، ولتتشبث أظافرهم جيداً في ا للحم، لماذاتخاف إذاً… هي أيضاً ستمنحها الحوريات قوة وقساوة..
……………… وصلت إلى سمعي صوت السلسلة الحديدية، وطقطقة المفاتيح خلف الباب، بقيت مستسلماً لإغفاءة آسرة، لم أرغب بالنظر إلى أحد، ولا إلى شيء تكشّف وجه الرقيب ذاته ، رأيته كائناً شبحياً رمادي اللون، بدّل ابتسامته الساخرة فجأة إلى نظرة بلهاء وهو يحدق إلى وجهي المصفر والصادم بنظرة عابسة متحدية…
***
سهيل الذيب، صوت الفقراء المقهور المخنوق المسحوق، يؤرخ بقصصه معاناتهم، وألمهم، رصد كتاباته وإبداعه لهم، عضو جمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب العرب.. وفي رواياته الأخيرة (زناة، آثام، امرأة متمردة)، تجد تأريخاً وافياً للأحداث العاصفة التي ألمت بوطننا سورية، من خلال تصويرها بشكل دقيق ووافٍ، لتسليط الضوء على الرأي الآخر الذي يغفله الغرب حين يصدرون قرارتهم، الجائرة الظالمة بحق الشعب السوري.
من مشاركته (بنطاق وقميص) نقتبس:
لم يكن البيت الذي ولدنا وعشنا فيه زمناً في قريتنا، إلا غرفة واحدة كبيرة، أرضها من تراب ممزوج بالقش، وكذلك سقفها والجدران الأربعة، كانت أمّي تخيط لنا الثياب كيفما اتفق وأكثرها بألوان زاهية، مزهرة، أغلب الظن أنَّها كانت عطية ممن لا حاجة لهم بها، أو ربما من الأمم المتحدة، كنّا نختبئ نحن الإخوة الصغار الثلاثة خجلاً من ثيابنا الموحدة هذه كلما جاءنا زائر، فإضافة إلى لونها كانت أمي شقت من الأمام بالمقص ما يشبه السحاب، ولكن من دون سحاب، وطبعاً ومن دون ثياب داخلية، لذلك كثيراً ما كانت تظهر بعض أشيائنا من دون أن تلفت انتباهنا بفعل العادة المستدامة، وأحياناً كنّا نضحك كثيراً لمرآها ولاسيما إذا كانت تخص أخي الصغير عماد، الذي لم يكن قد دخل المدرسة بعد، فقد كانت صغيرة جداً لدرجة أنَّ أمي كلما حانت لها فرصة للراحة تحمله بين يديها تناغيه، وتطبع قبلها الحارة تلك فوقها تماماً..
أما ثياب المدرسة فكان أكثرها سراويل سوداء، مرقعة، بقطعة قماشية مزهرة لكنها نظيفة ويعلوها مئزر خاكي، كان لدى كثير من التلاميذ، سيدرة يكتبون عليه ما يخطر في بالهم، ولا أنسى “الوطية” المطاطية التي كانت تصدر أصواتاً حين التعرق، كم هالني بل هالنا ذات صباح أن أحد التلاميذ جاءنا مرتدياً بنطالاً، هكذا سمّاه لنا، وأردف أن عمَّته التي تعمل في بيروت أرسلته له على العيد من قميص أخضر لم يكن ينزعهما عن جسده قط، إلا يوم الجمعة، ليغسلا..
لم يعد يشغل بالي في تلك السن المبكرة إلا البنطال والقميص اللذان سيطرا على حواسي، فبتُّ أتحيّن الفرص وأتفرج على صاحبهما الذي صوّر لي كأنه حسون غرد، وأنا أردد:
– ليت لي عمة مثله في بيروت..
تناهى إلى سمع أبي امنيتي باقتناء بنطال وقميص من خلال أمي، التي سمعتني أحلم بهما في منامي، فأنّبتني بقولها إن من المعيب في قريتنا لبس ثياب كهذه وتظهر تفاصيل الأجساد.
كنت أدرك في قرارة نفسي أن لا مال معه لشراء أي شيء، لذلك جعلهما عيبين لمن يرتديهما..

***
محمد باقي محمد، كاتب وقاص من محافظة الحسكة، عضو جمعية القصة والرواية. من مؤلفاته: (عن اختفاء العامل يونس- أغنية منتهية بالرصاص- الطوفان- قصص-. فوضى الفصول(رواية) )
من مشاركته نقتبس: (مأساة ممّي آلان)
• الليلة الأولى :
أنّ الراوي قال :
فلما نأى ذلك اليوم البعيد ـ الذي قـاد فيه العسكر ” ممّي آلان ” إلى ” السفر برلك ” ـ عن الذاكرة الواهنة لأمٍّ أضناها الفراق، جفاها النوم، وهجرتها الطمأنينة، وعلى قلبها والعينين ران تأرّق عنيد، فخرجت إلى صحن الدار تناجي طيف وحيدها الغائب ..
أيتها الذرى الذاهبة ـ بعيداً ـ في السماء، أيْنهُ!؟
لا تهزي أكتافك المُتدثرة بالخضرة، لتقولي لي ـ من ثمّ ـ بأنّك لا تعرفين! فلقد خالسَني يوماً، وانحدر نحو أقدامك على صهوة جواده الكميت !
أيتها الشعاب والغيران الغائصة في ضباب الصباح، بالله عليك دلّيني، أين أخفيتِ ” ممّ “، ولا تنكري على أمٍّ مُلوّعة سندها الوحيد وفلذة كبدها!
أيتها اللغة التي تفيء إلى الصمت، ألستِ شاهدة على أنك كنت قد أعرته أجنحتك الشفيفه لحظة أن رحل، فإذا تغافلتِ عن توسّطك في ما بيننا آنئذ، فلا تذهبي إلى أنك ما كنت الكلمات الغميسة بالأسى، حين قال.. ولكنني سأعود يا أماه!
وأنت أيّها ” السفر برلك “! أما أزف أوان أوبته!؟ لكم أنت كتوم أيها ” السفر برلك” كليل داج! لكم أنت مُؤلم مثلما خراج ـ في الجوف ـ ينـزّ!
آه أيّها ” السفر برلك”! هي الشـيخوخة تخلخل العمر، مُبعثرة سنواته المُثقلة بلوعة الانتظار، وتبحث عن يدٍ حانية تفيض بين أصابعها الروح!

ثمّ أنّ الفجر أخذ يتوّغل في جسد الليل البهيم، وما من مُجيب إلاّ الصدى، ما دفع بالعجوز إلى أحضان إحباط ضاغط ، كان البرد قد فعل فعله في الجسد المُهدّم ، فاستدارت نحو الباب لتدخل، لكنّها تفاجأت بما رابَها !
أيتها الآلهة صبّي غضبك على هذا الكون المُدنّس !
فمن هذا النائم في فراش ” ممّ “!؟
رباه! أية امرأة تستطيع أن تخون رجلاً كمثله !؟
وقال الراوي : ثمّ أنّها انتضّت خنجراً، كان ” ممّ ” قد تركه بحوزتها، وتقدمّت من الفراش تقدّم مرجل يغلي بحقد دفين .كان شعر الزوجة يغطي وجهه، فلم تتمكّن العجوز من معرفة ابنها ! كلّ شيء – من حولها – كان ينضح برائحة الخيانة، يغوص في مستنقع القذارة، ويدفع إلى أعتاب الهذيان، بله الجنون! عالياً رفعت الخنجر، مُستمدّة من سنوات الانتظار والقلق قوة لا تعرف من أين واتتها، وهوت به على صدر الرجل مرّة، لكنّ الأتون المتقدّ في أحشائها لم ينطفىء، ولم يسمح لأذنيها الموشكتين على الصمم بالتقاط حمحمة حصانه، فهوت بالخنجر ثانية وثالثة، مدفوعة بغضب أهوج يسوط الأعصاب ويفتّتها، ثم التفتتْ نحو المرأة الشابة ، ورفعت الخنجر بكرب، بيد أنّ الصهيل المُتألم تمكّن ـ أخيراً ـ من اختراق أذنيها، فتوقفت اليد في منتصف المسافة، وخفت إلى الباب بتعثّر..
ربّاه! لو أنّ هذا العالم الداعر ينفجر!
لو أنّ هذا الزمن الموبوء يتشظىّ !
لو أنّ هذه اليمين المُخضبّة بالدم تُشلّ !
ترنّحت الأرض، ومادت، وغامت الدنيا في عينيها، فتهاوت على ركبتيها جاثية !
آه أيها العالم! أيّ خواء يملؤك !؟ وأي جدوى!؟ أيّ رجاء يُنتظر بعد!؟
كان جواد ” ممّ ” يرفع قائمتيه الأماميّتيْن مُحمحماً بغضب، كمن يعتزم أن يتسلق حبال الهواء، ويضرب بسنابكه الأرض، يحفرها مُحاولاً التخلص من لجامه، ومن كلّ موضع في جسده كان العرق ينـزّ، بينما كان صهيله يشقّ عنان السماء !
وا ا ا ا ممّو و و و ه ه ه !
سقط الخنجر على الأرض ،وانتشرت صرخة العجوز التي تهاوت جاثية على ركبتيها في الجهات الأربع.

وفي نهاية الفعالية قام بالمداخلة: (محمد خالد الخضر، محمد الحفري، عماد نداف، صبحي سعيد وغيرهم…
وتمت مناقشة أهم المواضيع التي تناولتها القصص وتسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات، ومدى تأثيرها في الكاتب.
واختتمت الفعالية بشكر الحضور على اهتمامهم ومواظبتهم بحضور ما يقام في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب .

#سفيربرس _ ماجدة البدر

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *