إعلان
إعلان

الدراما السورية: ساحة معركة غير فنية… “الصديقات” أنموذجاً..!

#سفير_برس _ هبة عبدالقادر الكل

إعلان

حلبة السباق الدرامي الرمضاني لهذا العام شهدت تنافساً خطراً بين حزبين: حزب مخرجين وكتّاب يسعون لإرواء ذائقة الجمهور المتعطشة لمادة درامية تحترم عقولهم وواقعهم المعاش, وآخر: حزب جمهور أضحى صعب المراس فنياً لما شهد من انفتاح على دراما الآخر في زمن التواصل الاجتماعي من دول أخرى تتسابق فيما بينها لرفع الذائقة الفنية.

_ نقد فني حديث ولادة
وسط هذا الصراع التنافسي وتلك المعركة الفنية يقف كلٌّ من النّقاد “حديثي العهد” في المنتصف، كما ذكر الفنان القدير “أيمن زيدان” في معرض حواره الأخير على قناة MBC, معبّراً عن حزنه لغيبوبة حالة نقدية احترافية تختص بصناعة الدراما السورية وصانعيها, بمقابل ظهور شخصيات تمارس النقد الفني دون أي مرجع أكاديمي، وكأن “زيدان” يلمّح لنظرية “مؤامرة درامية” بين شركات الإنتاج أو بعض المحطات الفضائية العارضة لهذه الأعمال لجلب مزيد قطيع من الأرقام والمشاهدات في زمن أصبح يعتمد على كم المشاهدات، وبين قافز على جدار المادة الفنية المقدّمة, والتي قد تتناسى تاريخ ومسير المتفانين في الوسط الفنّي وما قدّموه للحالة الفنية الدرامية السورية سابقاً وحتى العربية.

_ دراما ولكن .. على السحبة الرقمية
أعمال سورية عديدة عُرضت على الشاشة الرمضانية لموسم عام 2024 منها: “كسر عضم “السراديب” – مال القبان – تاج – أولاد بديعة – الصديقات – أغمض عينيك تراني، العربجي 2″ وغيرها من الأعمال, ولكن يبقى السؤال المطروح على الطاولة الفنية:
ما الذي يُقيّم نجاح عمل من عدمه بصورة النجاح الحقيقية الصرفة بعيداً عن لغة الأرقام؟!

_ صناعة درامية على الماكينة الرقمية
لم تسلم الدراما السورية ولا حتى نقدها أو نقّادها من لعنة “المشاهدات”، فعلى المستوى الشعبي تجد أن المُقيّم هو الشارع الدرامي الرقمي في زمن باتت الغالبية العظمى من الجماهير تعلم كيف يتم رصد ميزانيات مخصصة للشارع الافتراضي لإسقاط عمل ما وخفضه لحساب عمل آخر و رفعه.
في هذا السياق تحديداً التفتت فئة من الناس إلى عملين أصابتهما لعنة “الترند” وظُلما إعلامياً، انطلاقا من القاعدة الرقمية التي أضحت مرجع ومتكئ معظم وسائل الإعلام في تقييم هذه الأعمال.
العمل الأول “أغمض عينيك تراني” الذي قدّم دراما هادئة تحترم عقل الجمهور ضمن قصة وجدانية واقعية، وناقش مشاكل الأسر السورية وهو من إنتاج الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وإخراج مؤمن الملا, حيث تدور أحداثه زمن الأزمة السورية وما أرخت بظلالها على هذه الأسر، وقد تمحورت قصته حول طفل بعمر السبع سنوات يصارع مرضه. العمل مسّ مشاعر الكثيرين لا سيما وأنه يتحدث عن مرض التوحد في ظل غياب أو تغييب لمثل هذه القضايا وما يتصل بها من الموضوعات الاجتماعية المهمة عن الصناعة الدرامية السورية لتغطس “الدراما” في قاع أعمال البيئة التجارية أو حقبة الاحتلال الفرنسي لسورية دون عودة إلى شط الواقع السوري المعاش.
الأمر الذي يعود بنا “تذكرة” بمسألة الأرقام المحزنة والتي باتت تفضل ثقافة “الترند” على الثقافة الإنسانية في طرح الأعمال.

_ الصديقات في قفص الجْلالة الصفراء!
عمل آخر سلّط الضوء على واقع معاش لا مهرب منه، مسلسل “الصديقات” من إخراج محمد زهير رجب وإنتاج شركة قبنض, والذي يقدم قصة مجموعة من النساء، سبق لهنّ العمل كراقصات, لتتقاطع قصص هؤلاء النسوة مع بعضهن البعض بمرور الزمن من خلال العديد من الأحداث التي تمر بها كل شخصية على حدى.
هؤلاء الصديقات دفع بهنّ الواقع لامتهان الرقص علماً أنهنّ درسن في الجامعات و كانت إحداهن فنانة تشكيلية، على أنه وجبة درامية من مائدة واقع المجتمع السوري لحالات تمثلها إلا أنها صعبة الإحصاء, فجاء العمل ليضيء على الجانب الإنساني لهن أيضاً وكشف عن شهامتهن، كما تطرق إلى مناقشة قضايا اجتماعية كان لا بدّ من مناقشتها في الوقت الحاضر ألا وهي نظرة المجتمع إلى هؤلاء الراقصات مثلاُ ومواجهتهن للحياة الزوجية والتحديات المالية التي أفرزتها الأزمة السورية, بصورة وخبرة احترافيتين من مخرج العمل الذي سبق وأخرج أعمالاً شكّلت منعطفاً مهماً في حالة الدراما السورية كعمل “شركاء يتقاسمون الخراب”، “انتقام وردة”، “طوق البنات” و العمل الشهير “أنا قلبي دليلي”.

إنّ مواجهة هذا الواقع ومصارحة الجمهور به في مسلسل “الصديقات” دفعت بالبعض من النقاد “حديثي العهد وأصحاب الأقلام الصفراء” لمهاجمته بشراسة في تماهي واضح مع مبدأ التخلي عن الواقع والغرق في مثاليات العالم الافتراضي ونكران للتاريخ ليتجاوز في هذا الأمر مسألة الظلم الإعلامي الحاصل لمسلسل آخر “أغمض عينيك” لحمله و”الصديقات” إلى ساحة المعركة الرقمية, الأمر الذي بلغ بإحدى المحطات الفضائية لاستضافة “ناقد” هاجم المسلسل بجمل غير مترابطة ولا تستند إلى عرف أكاديمي فنّي، ناسياً القضية الاجتماعية المهمة التي حملها والتي تعكس واقع جزء يسير من المجتمع السوري في مناطق مختلفة, ومتناسياً تاريخ وأعمال مخرج وأبطال العمل وما قدّموا للدراما السورية من طروحات سابقة شكّلت فارقاً في الخط الدرامي السوري في يوم ما, ليرد عليه جمهور المسلسل اللذين لمسوا قضيته المطروحة، نذكر من تلك الآراء:
تقول حنان: “يحتاج المذيع إلى التفريق بين النقد وبين الرأي”. أما ماهر من مصر كتب: “الصديقات… أكثر مسلسل واقعي في رمضان والضعف يتجلى عندما لا تجد من تستضيفه فتجلب ناقداً من الشارع لا يعرف عن الأمر شيئاً”.
علقت صفحة “سوريا دراما” بدورها أيضاً قائلة “من المعيب أن تستضيفوا هكذا أشكال, لا ماضي ولا حاضر لينتقد”. صفحة أخرى تُسمى “تصبحون على جريدة” أردفت: “هذا العمل يضم أهم أسماء ونجوم بلدك ومن هم بالتأكيد أكبر من عمرك خبرة وتاريخ”. وتوالت التعليقات التي أشادت بمعظمها بالعمل المقدّم وما حمل من تفاصيل ترتبط بالواقع…

هذا الأمر دفعنا للنزول إلى الشارع للسؤال عن الأمر واستبيانه, فطرحنا سؤالاً بسيطاً: “ما العمل الذي أعجبتم به في السباق الرمضاني؟!”
تقول ريم لسفير برس: “تابعت عدة أعمال لكن ما شدني وأكملته كان عملي الصديقات ومال القبان, ففي العملين هناك قصة يجب أن تكملها وهذه هي الأعمال الأنجح لهذا العام برأيي”.
أما محمد فكان من المتابعين الذين جذبهم مسلسل الصديقات والسبب ” لأني أعاصر حالة تشبه إحدى حالات المسلسل وقد تماهيت معها بشكل كبير وأحسست بأني أتابع الشخصية الواقعية التي أتحدث عنها” وفق قوله. وعندما سألناه عن هذه الشخصية أجاب ” فطوم”.
مهيار قال بدوره: “لفت نظري عملي أغمض عينيك والصديقات لاقترابهم من واقعنا المعاش وطرحهم لمشاكلنا بصورة مقاربة لما نمر به”. أما رنيم رغم متابعتها لأعمال عديدة إلا أنها تجزم بأنها لم تواظب على متابعة عمل لآخره إلا الصديقات رغم متابعتها لأعمال أخرى: ” استمريت في متابعة الصديقات فقد أعجبني جداً وخصوصاً من الناحية الإخراجية وأداء بعض الشخصيات كنظلي الرواس وديمة الجندي والممثل القدير فايز قزق”.

إذا كان “الترند” أحد مقاييس نجاح أي عمل فنّي فقد لفتتنا منشورات على الفيس بوك قالت: “خلصنا من سكر بأولاد بديعة طلعتلنا فطوم من مسلسل الصديقات” وهذا ما يدفعنا للتفكير ملياً في آلية التصويت على الأعمال الدرامية والتي تطرحها صفحات ووسائل إعلامية وقنوات معروفة لمعرفة مدى مصداقيتها في زمن بات الجميع يعرف فيه جيداً كيف تدار الحملات الإعلامية وما الغاية منها, على أمل أن نصل إلى حالة نقد درامية شفافة وواقعية بعيدة عن المحسوبيات والشللية وأقرب إلى مرجع أكاديمي، دون أن نكفر بما قدّمه العظماء في هذه المهنة لهذه الدراما والتي كان لها دور بارز في أن حملت اسم “سورية” بفنها ودراماها إلى أماكن بعيدة على هذه الكرة الأرضية المتحولة الى كرة رقمية!.

#سفير_برس _ هبة عبدالقادر الكل

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *