إعلان
إعلان

الدكتور محمد الحسين في حوار صريح لسفير برس:لم أقبض ليرة واحدة من عائدات الجباية وحولت مخصصاتي لخزينة الدولة , البعض يحملني أكبر من طاقتي لسنا مع نظام اقتصادي يحقق معدلات نمو ومؤشرات اقتصادية معينة

خاص سفير برس

إعلان

في حوار صريح مع  الدكتور محمد الحسين وزير المالية في حكومة تسيير الأعمال أسرة سفير برس  تحاول أن تضع آلية عمل وزارة المالية تحت بقعة الضوء, هي محاولة للتواصل مع الوزير الذي شكل وجوده في الوزارة إشكالية لدى شرائح كثيرة من المجتمع السوري, وربما نتجت هذه الإشكالية من عدم المقدرة على التواصل الحقيقي بين الطرفين, أو ربما لعدم معرفتنا الحقيقية بآلية عمل الوزير والوزارة. هل ظُلم الدكتور محمد الحسين بتوليه منصب وزارة المالية؟ أم أنّ ما يشاع في الشارع هو حقيقي.  نترك الحكم للقارئ ليحكم بنفسه.  السؤال الأهم الذي يكدر المواطن السوري ارتفاع أسعار الوقود فمهما كانت المبررات  ليس هناك أي مسوغ لأن تخنق المواطن وأنتم على يقين أن الوقود مثل الماء والهواء بالنسبة للفرد؟

1- إن وزارة المالية أو وزير المالية ليس هو الذي يصدر قرارات زيادة المازوت  أو البنزين أو أي من المشتقات النفطية مطلقاً ، فالقرار بعد موافقة  مجلس الوزراء عليه يصدر عن وزير الاقتصاد والتجارة بالتنسيق مع وزير النفط .‏

2- إننا مثل عامة الناس نتفق مع رأيكم بأن ارتفاع سعر مادة المازوت بشكل خاص كان له تأثيرات سلبية على قطاعات الاقتصاد بشكل عام, على الرغم من أنَّ  انخفاض أسعار المازوت في السابق كانت مدعاة لتهريبه إلى دول الجوار خاصة إلى تركيا ولبنان.‏

3- إذا أردت أن تعلم موقف وزارة المالية ومن الناحية الضريبية تحديداً فإنَّ وزارة المالية لا تتمنى مطلقاً تراجع النشاط الاقتصادي في البلاد, لأنَّ هذا التراجع  يعني انخفاض مداخيل الخزينة العامة للدولة من الضرائب والرسوم, وكذلك زيادة معدل البطالة , وبالتالي فإنَّ وزارة المالية يهمها جداً أنْ تبقى قطاعات الاقتصاد نشيطة وفعَّالة وفي مقدمتها الزراعة والصناعة والنقل وغيرها لأنها تستفيد من ذلك.‏

4- من ناحية ثانية فإن رفع أسعار المشتقات النفطية لا يعود ريعه مباشرة إلى وزارة المالية بل يذهب إلى شركة محروقات ( سادكوب ) ويحال لاحقاً إلى الخزينة العامة للدولة ما تحققه شركة سادكوب  من فوائض أو أرباح إن وجدت ..، لكن وزارة المالية وبمجرد صدور زيادات على أسعار المشتقات النفطية مطلوب منها زيادات الرواتب والمعاشات التقاعدية وكذلك زيادة اعتمادات المشتقات النفطية للوزارات والجهات الحكومية المختلفة نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية .. إذاً فإن وزارة المالية تدفع سلفاً مع أية زيادة على أسعار المشتقات النفطية.‏

5- حتى في موضوع الفوائد على القروض المصرفية فإن وزارة المالية تسعى ، لا بل فإن من مصلحتها ، إلى أن تكون معدلات الفائدة على القروض منخفضة لأن توجه جزء من سيولة المصارف إلى قطاعات الاقتصاد يعد أمراً هاماً جداً لوزارة المالية لأنها ستعني خلق نشاط وفعالية اقتصادية أقوى وفرص عمل جديدة  وهذا فيه مصلحة للخزينة العامة للدولة.‏

ركزتم على زيادات الرواتب علماً بأن عدد الموظفين لا يشكلون سوى ربع سكان سورية وتجاهلتم باقي شرائح المجتمع؟‏

نحن نتفق تماماً معكم بأن الأسرة الفقيرة هي التي لا يعمل رب الأسرة أو أحد أبناءها في الدولة أو ليس لديه عمل خاص أو حر, ووزارة المالية يتمثل دورها تجاه من هم غير عاملين في الدولة بالآتي:‏

توفير التمويل اللازم لما تقرره الحكومة من أساليب دعم ومعونة لهؤلاء فقط أي أن وزارة المالية مطلوب منها أن تؤمن التمويل اللازم, أما عمليات تحديد الأسر المحتاجة والفقيرة وإيصال الدعم لها فهذه ليست من مهام وزارة المالية ولنتذكر ما حصل خلال السنتين الأخيرتين :‏

– ففي المرة الأولى قامت الحكومة بتوزيع قسائم مازوت بسعر مدعوم للأسر الفقيرة  ( بعد أن تم رفع سعر هذه المادة في أيار من عام 2008 … ).  وما رافق ذلك من مشكلات معروفة.‏

– وفي المرة الثانية قامت الحكومة بتوزيع إعانة نقدية قدرها /10/ آلاف ليرة سورية لكل أسرة فقيرة وما حصل أن وزارة المالية طلب منها تمويل قدره /15/ مليار ليرة سورية في البداية ( على أساس تقدير قامت به جهات حكومية أخرى أن عدد الأسر المستحقة للدعم سيبلغ /1.5/ مليون عائلة ) لكن الواقع الفعلي أشار إلى أن عدد الأسر وصل إلى /4.4/ مليون أسرة ودفعت وزارة المالية /44/ مليار ليرة سورية هذا عدا عن التجاوزات التي حصلت مع تنفيذ هذا الأسلوب … وقلنا في حينه لو أن هذه المبالغ وزعت على /200/ ألف أسرة الأكثر فقراً لكان حصة كل أسرة /220/ ألف ليرة سورية وهي كافية لإيجاد مشروع صغير لهذه الأسرة تعيش منها بكرامة و أفضل من انتظار  إعانة /10/ آلاف ليرة سورية سنوياً لا تكفي للاستجابة لأي من حاجات هذه الأسرة, واليوم تقوم الحكومة ( ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ) بإدارة صندوق المعونة الاجتماعية وطلب من وزارة المالية تأمين تمويل له  مقداره /12/ مليار ليرة سورية وأمنت وزارة المالية ذلك.‏

 إذاً فإن دور وزارة المالية هو تأمين التمويل فقط وهي ليست مسؤولة عن إحصاء الأسر المستحقة للدعم ولا عن إدارة أي أسلوب دعم للمستحقين من غير العاملين  في الدولة والمتقاعدين.‏

– من ناحية ثانية فإن وزارة المالية هي من يؤمن قيمة المحاصيل الزراعية  ( قمح ، قطن ) والعام الماضي أمنت حوالي /70/ مليار ليرة سوري ( من خارج موازنة الدولة ) وجزء منها هو دعم للأخوة الفلاحين.‏

   كما أنها تؤمن التمويل اللازم لصندوق الدعم للإنتاج الزراعي الذي يقوم بدعم أسعار المحاصيل غير الإستراتيجية ودعم الأسمدة.  هذا هو دور وزارة المالية فقط لا أكثر ولا أقل.‏

ما الذي قدمه لنا كمواطنين نظام اقتصاد السوق الاجتماعي ؟‏

إن إدخال نظام اقتصاد السوق الاجتماعي كان بقرار من المؤتمر القطري العاشر للحزب في حزيران من عام 2005 وكان القصد من ذلك أن الحزب يعطي أهمية و وزن للاجتماعي بذات الأهمية للاقتصادي ، والمقصود بذلك أننا كحزب لسنا مع نظام اقتصادي  يحقق معدلات نمو ومؤشرات اقتصادية معينة ولا يراعي مصالح الشرائح الأوسع من شعبنا, ولا يحقق العدالة والرعاية الاجتماعية مع المحافظة على دور الدولة والقطاع العام هذا هو المقصود باقتصاد السوق الاجتماعي لكن ما حصل منذ عام 2005 أن ظروفاً إقليمية وأخرى داخلية منها ما هو موضوعي كالجفاف ومنها ما هو ذاتي ناتج عن تقصير من قبل بعض الجهات المعنية بتطبيقه جعل هذا المصطلح يبدو و كأنه هو السبب أو المشكلة, والواقع أن أي نظام اقتصادي لا يراعي مصالح عامة الناس فنحن كحزب لسنا معه, ونحن لم نعتمد وصفة جاهزة أو نظام متكامل لاقتصاد السوق الاجتماعي  بل كان ولا يزال هدفنا هو تكييف هذا النظام مع احتياجات مجتمعنا وشعبنا وفيه دور واضح للدولة ودور أساسي للقطاع العام .. وأنا شخصياً لست مع الوصفات الجاهزة سواء أتت من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو حتى المأخوذة من  تجارب دول أخرى .. فمن الأفضل تكييف أي نظام اقتصادي مع ظروفنا وواقعنا وحاجات مجتمعنا وشعبنا ..‏

هل حقاً أن وزير المالية هو السبب في ارتفاع معدلات الضريبة ، ويقال أنه مستفيد شخصياً من ذلك بسبب ما يأخذه من نسبة كعائدات جباية ، وعلى أي أساس تبنى السياسة الضريبية ؟‏

هذه مقولة ليست صحيحة أبداً .. فلنراجع السنوات الأخيرة وماذا تم في السياسة الضريبية ومن أبرز معالمها :‏

  –   جرى تخفيض كبير على معدلات الضرائب والرسوم فعلى سبيل المثال :‏

– تم تخفيض سقف ضرائب الدخل من /63%/ إلى /28%/ فقط .‏

  – تم رفع الحد الأدنى المعفى من ضرائب الدخل على الرواتب من /100/ ل.س حتى وصل اليوم إلى /10/ آلاف ليرة سورية شهرياً .‏

– تم تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات من /255%/ إلى /60%/ فقط ( مؤخراً جرى رفع هذا الرسم للسيارات من فئة /3000/ س س فما فوق   إلى /80%/ و/100%/ ) والسيارات الصغيرة انخفض رسمها الجمركي  من /145%/ إلى /40%/ فقط .‏

– رسم الإنفاق الاستهلاكي على السيارات كان يدفعه المواطن عند كل عملية بيع للسيارات, بينما اليوم يدفعه مرة واحدة.‏

– ألغيت رسوم الاغتراب ، المواشي ، التركات ، ضريبة الإنتاج الزراعي وغيرها ..  إذاً كيف رفع وزير المالية الضرائب ( وهو من يتهمه البعض الآخر بأنه خفض الضرائب بدرجة أثرت على موارد الخزينة, وذلك محاباة للصناعيين والتجار ) .‏

الواقع أن للضريبة مسؤولية اجتماعية واقتصادية وأداة هامة لإعادة توزيع الدخل القومي, ولذلك فنحن ( ومنذ أواخر عام 2003 ) من رفع شعار أن ضريبة عادلة ستؤدي إلى زيادة حصيلة الخزينة العامة للدولة من الضرائب  وتريح كاهل الأخوة المواطنين وتلغي الفساد … ونحن من قال أن الضريبة العالية تؤدي إلى التهرب الضريبي والفساد لا محالة‏

إذاً فنحن عملنا في اتجاه عكس سؤالكم .. لكننا نعترف أن مواطنينا لا يستطيعوا أن يميزوا بين ضرائب وزارة المالية ، وبين ضرائب جهات حكومية أخرى, فمجالس المحافظات لديها نظام ضريبي خاص بها صادر بقانون تستطيع من خلاله فرض أنواع عديدة من الضرائب والرسوم لمصلحتها وتصرف الحصيلة في المحافظة ذاتها ولا دور لوزارة المالية مطلقاً لا في فرض هذه الضرائب ولا في استخدامها, والمواطن يعتقد أن لصيقة القضاة وعقد التأمين على السيارة و رسوم البلدية  والنظافة وأية رسوم محلية وغيرها وراءها وزارة المالية وهذا ليس صحيح إطلاقاً, أمَّا عن استفادتنا بشكل شخصي من رفع الضرائب أو نأخذ نسبة منها ، فعلى الرغم من أن القانون يعطي الحق لوزير المالية ببعض العائدات .. لكننا نؤكد لكم ولكافة مواطنينا بأننا لم نقبض ولا ليرة سورية واحدة كعائدات جباية أو حصص من مصادرات الجمارك مطلقاً ، وقمنا بتحويل كل ما يخصنا من ذلك لصالح الخزينة العامة للدولة منذ أن كلفنا بمهمة وزير المالية وحتى اليوم ….‏

وزير المالية د .محمد الحسين ومحمود الجدوع ـ رئيس التحرير

انعكست المراسيم رقم /7و23و24/ المتعلقة بتخفيض الضرائب بشكل عكسي ما السبب يا ترى ؟‏

هذا مثال واضح على ضرورة تحديد أدوار ومسؤوليات كل وزارة … ففي الوقت الذي أعدت فيه وزارة المالية هذه التشريعات الثلاثة ، وبمنتهى المسؤولية ، بهدف تخفيض الأسعار لعدد من المواد الاستهلاكية الأساسية لصالح المستهلك وهو المواطن السوري, وضحت الخزينة العامة للدولة ، أي وزارة المالية ، بعدد من المليارات من الليرات السورية ( نتيجة تخفيض هذه الضرائب والرسوم  ) لمصلحة مواطنينا لكن الواقع ، كما يشير سؤالكم ، فإن الأسعار لم تنخفض .. ومسؤولية ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق تقع على عاتق جهات أخرى وليست وزارة المالية التي لا علاقة لها بمراقبة الأسعار .. بل هي مسؤوليات وزارة الاقتصاد والتجارة ، ومجالس المحافظات والمكاتب التنفيذية للمحافظات والبلديات, وبهذه المناسبة هناك من يعتقد أن وزارة المالية هي المسؤولة عن الأسعار مثل أسعار المحاصيل أو أسعار الأسمدة ( لتي تحدد بقرار من وزير الزراعة ) وأسعار السوق بشكل عام .. لكن الواقع أن وزارة المالية ليست هي المعنية إطلاقاً بموضوع الأسعار فهي مسؤولية جهات أخرى كما ذكرنا آنفاً, أما لماذا لم تنخفض الأسعار للسلع الأساسية التي استهدفتها التشريعات الثلاثة المشار إليها في سؤالكم فيمكن توجيه السؤال إلى الجهات المعنية بذلك …‏

ما السبب الذي يجعلنا كمواطنين نشعر أن كثيراً من المراسيم التي تتعلق بالوضع المعاشي للمواطن كأنها تفرغ من مضامينها ..؟‏

إننا نؤكد أن كل التشريعات التي أعدتها وزارة المالية وصدرت ( وعددها يتجاوز الـ /200/ تشريع جديد ) نفذت بالكامل, وخاصة مراسيم زيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية ومن ضمنها التشريعات الأخيرة, فقد استلم موظفي الدولة والقطاع العام والمتقاعدين هذه الزيادات ومن لم يستلمها فهي حقه وسيستلمها قريباً, فهل تعتقدون أن وزارة المالية قادرة على حجب زيادة الرواتب  أو غيره .. فأي موظف في الدولة سيشتكي مباشرة .. إضافة إلى أن ذلك فيما لو حصل فيعد أمراً غير أخلاقياً فكيف يتم التلاعب بزيادة الرواتب وهذه حق لموظفينا وواجب علينا تأمينه.‏

تشرفون على قطاعات أخرى مثل المصارف وشركات التأمين والسوق المالية إضافة إلى الجمارك, فكيف تقيمون نتائج عمل هذه القطاعات؟‏

إنَّنا وباعتزاز حملنا العديد من المسؤوليات ومنها الإشراف على هذه القطاعات والحمد لله أنني من افتتح أول مصرف خاص وكذلك أول شركة تأمين خاصة في سورية , وأنني من افتتح بورصة دمشق في عام 2009 ، وهذه القطاعات تعمل اليوم ويشتغل فيها الآلاف من الشباب السوري وأنَّ وجودها شكل قيمة مضافة في الاقتصاد السوري.‏

هناك جزء من الرأي العام يحملك مسؤوليات كبيرة .. قد يكون السبب أن الناس لا تعلم بدقة حدود صلاحياتكم أو مسؤولياتكم أو لأنكم عضو في قيادة الجبهة وكذلك عضو  في القيادة القطرية للحزب .. ؟‏

إنه لشرف عظيم لي أن أكون عضواً في هذه المؤسسات,  فصحيح أنني عضو في قيادة الجبهة لكنني واحد من أصل عشرين عضواً ، وصحيح أنني عضوٌ في القيادة القطرية لكنني واحد من /14/ عضواً , وصحيح أنني وزير للمالية  لكنني واحد من /33/ وزيراً في الحكومة السورية .‏

إذاً فأنا أعمل في إطار مؤسسات الدولة وألتزم بقراراتها وما تقرره , ومن الطبيعي أنْ لي رأياً داخل هذه المؤسسات, لكنَّ البعض يحملني أكبر من طاقتي، فأنا عضو في هذه المؤسسات والقرار لها, حتى أنَّ البعض يعتقد أن وزير المالية هو من يزيد الرواتب أو يحجب ذلك وأن وزير المالية هو من يقرّرَّ الإعانات أو التعويضات للعاملين في الدولة, وهذا الكلام ليس دقيقاً إطلاقاً, فالقرار في الحكومة هو لمجلس الوزراء مجتمعاً وليس لوزير المالية والقرار في القيادة هو لمؤسسة القيادة وليس لي شخصياً.‏

دمشق 2  ـ 4 ـ 2011

 حاوره رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *