وَ يَـسـألـنـي مَـنْ أنـا ؟ ـ بقلم : غـانـا أسـعـد

عَـتِيقـةٌ هـي خـطـَواتي
عِـمـرهـا مِـنْ غَـابـرِ الـزّمَـنِ
أنتَعِـلُ قَـدَميَّ الحـَافيتيّنِ
و أمضـي في رحـلتي
دربي وَعـرٌ طـويـلٌ
والشّـوكُ يُـدمي كـاحِليِّ
لا وقـتَ لـقيلولـةٍ عِنْـدي

أنـْظُـرُ هـُنا وهـُناكَ ..
كـلُّ شـَيءٍ حَـولي لي
ثريةٌ بالحقـائقِ جُـعبتي
كـلّ خطـوة فيها عِبْـرة
لا مَجـَالَ للسّـقـوطِ
الـوقـتُ يلـتهمـني ..
أمتَّطي صَهـَّوة الحَّقِ وأمضـي
مُحالٌ أنْ أكبو أو أنظـرَ خَـلفي

فَجـأةً ..
َاعـتَرَضَ الجـَّلادُ طَريقي
اغـتَاظَ مِنْ وجـودي
ســَألني مَنْ أنَا ؟!
صـرخَ بوجـهي ..
ممنوع التَّجـول هنا

أجـبتهُ وحِـبـري يَـغلي
لنْ تَسّـتَطيعَ تـقييّدي
أنـا صَـوتُ الصامتيـن
وأنيـنُ قلـوب الـمُتعَبيـن
صوت كلّ ثائـرٍ بوجهِ الظالمين ..
أنـا رغيفُ خبزٍ ينتظرُ لهفةَ جَائِعٍ
أنـا دمعةُ يتيمٍ يقفُ ببابِ جَامعٍ
قد تَجِدَني وردةً بيدِ مُحِبٍّ
أو أغفو هناكَ على شـاهدةِ قبرٍ ..
وغداً أكـونُ رصَـاصةً
في صَدرِ كلّ خَـائِنٍ غَـادِر
أنـا ذاكَ الكَّـلمُ الّـذي تعثَـرَ لفظـَه
على شّـفاهِ إنّسـانٍ يَحـتضر ..
فَكنتُ صَـرخةَ بُكاءٍ لمـَولـودٍ جـَديد
حَقيقـةَ الحُـلّم و مُبتغى الخَـيال أنـا
أُغـنيـة فَـيـروزيّـة ..
وقصـيدةُ شـِّعـرٍ منسـيـَّة
سُـنبلةَ قمـّحٍ للأرّضِ مَحنيّة

أنـا لظَى نَـار تَستعرُ حِينَ ظُلّمٍ
تَلتهـمُ مَنْ يَكـفرَ بِدينِ الحُبِّ والإنسـانيّـة

أنـا ذاكَ الـدَّمـع الـعَصـيِّ
الّـذي أبى السّـقوطَ لعـِزَةِ نَفـسٍ
وضِحكةٌ لا تُفـارقُ ثَغـرَ طفـلٍ
جَديلـةُ شَـعـرٍ إسـطوريّـة
تتغنَّى على كـتفِ صـَبيَّة
تَحلـمُ بأيـَّامِ فَرحٍ ورديّـة
أنـا يقينُ أمٍّ تنتظرُ عَودَةَ أبنـها
وتَعلَمُ أنـَّه شـهـيد منذُ أكثرَ مِنْ سَـنَة
أنـا جمـرُ الـقـهـرِ في قـلوبِ الأمَّهـاتِ المَـكلومـات
وقطراتُ مِلحٍ على جـباهِ الآباء الصَّـابرين
و قدّ تـراني أتصـبَّبُ حَـقـاً
على جباهِ العُمَّـال الكَادحين
وطنُ الـتّائهـينَ والمنكوبينَ أنـا
بحـرٌ مِنَ الـمِـدادِ الأزرق
أفيضُ في مَحـابـرِ كـلّ ذي حَـق
وخمرُ فكـرٍ في دنانِ الحِكمة تَعَتّـق
أبحاثٌ وكـتبٌ ومراجـعٌ
وأوراقٌ تعـانـقُ أوراق
لا تسّتهـينَ وجُـودي ..
أنـا صـراعٌ لا مُـتناهي
بينَ لذَّة الحـيّاةِ والإنعتاق منّها
بينَ رُهَاب الموتِ وطلبهِ بشـدّة

قدّ أكـونُ الرفـضُ بحدِّ ذاتـه
وقدّ أكـونُ الرضىٰ والتّسـليم

أنـا نايّ عتيقٌ وحيدٌ وحيد
يُرتِّـل الجـِّراحَ فيمسيها عيد
أنـا كـلمـة حُـرّة
فِـكـرة بِـلا قـيود
وطـنٌ بِـلا حُـدود
حـقٌ لا يَمـوت ..
أجوبُ ضَمَائـِرَ كـلِّ العَـارفِـين
ولأنكَ الجـَّلادُ صَـلّدَ الخَافِـقَـيِّنِ
مُحَـالٌ أن تُـدّركَ مَنْ أنـا ؟

– ضَـرَبَ الأَرّضَ بِسـوطهِ أمَامي
مُهـدِّدَاً أنْ أعـودَ أدراجي ..
فلبستُ جـِراحَ الـسّـوطِ فـَوقَ جـَرحي
وضـعـتُ النّـقـاط عـلىٰ الـحـروفِ
و أكـملتُ طـريقـي .
…………………………

#سفيربرس ـ بقلم :غـانـا أسـعـد