إعلان
إعلان

عالم سري.. بقلم : لميس علي

#سفيربرس

إعلان

كل ما عاشته مؤخراً من أنواع تواصل لم يمنحها سوى مزيد من فراغ..

نادرة هي حالات التواصل التي تشعرها بالامتلاء.. وبرغبة عيش المزيد منها.

في نصه الذي تحدّث فيه عن عزلة الأنا يقول غاستون بيرجي: “عالمي السري سجن منيع وأكتشف في نفس الوقت أن أبواب عالم الآخرين موصدة في وجهي وعالمهم مغلق بقدر انغلاق عالمي أمامهم”..

وكأن توصيفه يتماشى تماماً وما تخلقه لدينا تكنولوجيا ستيف جوبز من أساليب التقاء وانغلاق مع الآخرين..

في ستينيات القرن الماضي كانت كلمات بيرجي تلك.. بعيدة مقداراً كافياً عن العزلة التي اخترعتها أجهزة “جوبز” الذكية.

ما نحياه حالياً هو نوع من عزلة مضاعفة وربما نوع من “وحدة مكرسة” بتكنيك عالي المستوى.

بالنسبة لها ثمة شبكتان تتقاطعان لديها الآن.. شبكة تواصل عنكبوتي وشبكة أفكار لانهائية أيضاً.. تثيرها كلمات أي من الكتاب..

لم تفقد عادتها تلك التي تلاعب بها عيناها كلمات وأفكار تعجب بها لكتّاب يثيرون فضولها.. أن كيف تمكنوا من التقاط ما تشعر به..!

وكأنما يعبّرون عنها هي تحديداً..

تسحرها تلك الحالة.. تتمسك بها.. وكل نص من هذا النوع تتعامل معه وكما لو أنه جوهرة ثمينة.. جوهرة أفكار.. تمنحها نوعاً من الإشباع والغنى الداخلي اللازم للاستمرار.

تضحك من تلك المفارقة التي خلصت إليها تلقائياً..

فتواصلها مع أفكار الكتّاب وكلماتهم يمنحها امتلاء وغنى أكثر من التواصل الحي مع الآخرين، بمختلف أشكاله..

هل المشكلة لديها أم لديهم..؟

لعلها مشكلة مشتركة غير ملحوظة بشكل مباشر ولا هي نافرة لدرجة تفرض تلافيها وتخطيها..

“إن هذه الحميمية مع ذاتي التي تحميني وتحددني، هي عائق نهائي أمام كل تواصل مع الغير”..

مجدداً تعود كلمات “بيرجي” لتلتقط ذرا ما تفكر به.. وكأنما امتلك مجساً خاصاً اخترق عبره الفاصل الزمني الذي يبعده عن زمن جوبز.

أفكار الأول تقاطعت مع المنجز العلمي للثاني..

فحميمية كل منا أصبحت محمية ومحدودة بالآن عينه.. كما أصبحت عائقاً مضاعفاً أمام كل تواصل مع الغير (الآخر)..

وبمقدار ما نفتح نوافذ للتواصل والتلقي.. نستطيع أن نغلقها ساعة نشاء..

أليس كل ذلك دليلاً على زيادة مساحات الوهم.. والامتلاء بالفراغ أكثر وأكثر..؟!

# سفيربرس _ بقلم : لميس علي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *