إعلان
إعلان

نوار الشاطر” لسفيربرس : أكتب بمزاجية رومانسية.. وهناك صراع دائم من أجل الكتابة.. الكتابة مخاض طويل

#سفيربرس _ إعداد وحوار : هبة عبد القادر الكل

إعلان

نوار الشاطر : بالتصوف وجدت نفسي.. والأدب في بلادنا لا يجعل صاحبه غنياً….
دمشقية، تسير بخطى واثقة على دروب الأدب والشعر، تعزف من خيوط الأيام غيمة صيفية بألوان طيف رقيق، وتنطق روح الأشعار في كف الليل والنهار. تخضع المفردات لأحاسيسها الجيّاشة، فتنتظم أجمل القصائد وأكثرها شاعريّة، معجم مفرداتها ثريّ، قائم بذاته، تتناثر الكلمات منها كورود شاردة من حطام الحياة، تلامس نصوصها شغاف القلب، فتبكي العيون، وترق القلوب.
تحبس مشاعرها الكون، فتتحرّر قصائدها محمّلة بأسرار الأرض ومكنونات السّماء، جعلت من كل السلبيات المحيطة بنا تربة خصبة، لتزرع فيها قصائدها فتنمو في الرّوح كسيف ينصل الأوصال بقسوة.
تمخّضت أحاسيسها عن ولادة ثلاثة دواوين شعرية: هلْ بلغكَ شعري، هديلُ قلب وكوكب دريّ.
الأديبة والشاعرة والصحفية السورية “نوار الشاطر” كان لنا معها هذا الحوار اللطيف:
س- البداية أتركها لك سيدتي، من نوار الشاطر بالنسبة للجمهور، وماذا تعني لهم؟
لا أستطيع تحديد من أنا بالنسبة للآخر أو للجمهور، ولكنني أستطيع تحديد من أنا بالنسبة لي، أنا كاتبة حالمة تعشق الأدب والشعر منذ صغرها، تؤمن بقوة الكلمة وقدسيتها، لذا لجأت إلى الكتابة لتكون مساحتي الحرة التي بها أتنفس الحياة.
س- تقولين في قصيدة “خرير الشوق” عن أبيك: “أبي، كيف لي أن أفصّل قصيدة على مقاس قلبك..”. كيف أثر الوالد في شخصية نوار الطفولية، وهل أثر في شخصيتك الشاعرة والكاتبة؟
والدي حي يرزق، والقصيدة كتبتها بدافع الشوق الشديد له في غربتي كما كتبت لأمي أيضا. كان لهما دور كبير في تأسيس شخصيتي الطفولية واكتسبت منهما صفات كثيرة خدمتني في حياتي، أما شخصيتي الشاعرة فسببها الأول حبي لقراءة الشعر والأدب بكافة أشكاله منذ صغري، بالإضافة إلى براعتي في مادة التعبير الأدبي في كافة المراحل الدراسية وعلاقتي الرائعة مع مدرسيّ ومدرسات اللغة العربية في مدرستي، بالإضافة إلى التجارب الكتابية التي قدمتها.
وأعتبر نفسي في البدايات وكل ما كتبته هو تجارب آمل أن تكتمل بالخبرة التراكمية والممارسة الكتابية .
س- في لقاء معك ذكرت أنك قرأت كل أنواع الكتب، ما أهمية هذا التلوين القرائي في المجتمع، وكيف يؤثر سلبا قراءة النوع الواحد؟
القراءات المنوعة الراقية والمختارة بعناية تكوّن في الإنسان شخصية منفتحة على كل ألوان المعرفة، وتخلق توازناً فكرياً لدى الإنسان، وتبعده عن التزمت الفكري، وتحد من سلطة الأنا في داخله، لأنها تنمي الجانب الإنساني الإبداعي فيه، والذي يحفزه على العمل والانطلاق نحو آفاق عليا بدلاً من هدر الطاقات الفكرية على الآخرين والانشغال فيهم.
بينما القراءة المحدودة في نوعية فكرية أو أدبية أو علمية واحدة تجعل الإنسان محصوراً في نطاق ما يقرأه. وأنوه هنا أن القراءة فعل مستقل عن الدراسة والعمل والتخصص.
س- من علوم الحياة وجلساته العملية إلى الأدب والكتابة والشعر والصحافة، ما وراء تلك النقلة؟
ليست نقلة، وإنما الجانبان موجودان معاً، لكن خلال الفترة الدراسية لم يكن لدي الوقت والتفرغ للكتابة بشكل واسع، كانت أغلب الكتابات عبارة عن شعر أو خواطر أو مقالات لم أهتم بنشرها، ولم أهتم سابقاً بأن أكون شاعرة أو كاتبة أو صحفية، لكن الوقت والظروف والشوق وتشجيع الكثير ممن يقرأ لي ساهموا في أن تظهر هذه الكتابات للملأ.
أؤمن بأن الأشياء تأتي في وقتها المناسب، وأؤمن بأن الأقدار تهيأ لنا الأسباب لتظهر هذه الأشياء وتكون عوناً لنا في حياتنا.
ومازلت أعشق العلوم بكافة أنواعها وأقدمها للأطفال في جلسات نادي القراءة وهو نشاط تفاعلي مع الأطفال ضمن مركز كفرسوسة الثقافي أحاول من خلاله تقريب الطفل من الكتاب ليكون صديقه وأنيسه.
س- في ديوانك “هديل قلب” تقولين: “الليل محبرتي، كلما داهمتني الذاكرة .. ينفرط عقد شوقي قصيدة قصيدة”. إلى أي درجة واجهت مداهمة الذكريات بالقصائد والتعبير عن الأحاسيس؟
أنا في شعري غالبا أكتب بمزاجية رومانسية والمشاعر هي من تكتبني حقاً، وكل ما كتبته يمثلني بقوة. لست كاتبة تحت الطلب، لا أستطيع أن أكتب إلا بصدق و بما أقتنع فيه، وأرفض النفاق في الحياة وفي الكتابة.
س- هل تتعاركين مع نصوصك الأدبية، ومن ينتصر؟
هناك صراع دائم من أجل الكتابة، لا تخرج القصائد مني ببساطة، أشبه الكتابة بمخاض طويل وقد يتعسر أحياناً فمرات تموت القصيدة في رحم الشعور، ومرات ترى القصيدة النور وتعانق الحياة .
س- في ديوانك” كوكب دري” ذكرت: “أدركت روحي نور الله، الله نور السماوات والأرض، أضاء ما انطفأ مني..”. كُرّمت على هذا الديوان بشهادة تقدير من مشيخة القادرية العليا في العراق. لاحظت ميلك إلى التصوف والروحانيات كما تأثرت بجلال الدين الرومي. ماذا يعني لك التصوف وعلم الروحانيات إن صح التعبير؟
نحن في عالم الصور في عالم المثال، أما عالم الروح فهو العالم الحقيقي الذي أتينا منه، ووجودنا على هذه الأرض ما هو إلا اكتشافاً لحقيقتنا الروحية التي غيبت عنا في عالم الغيب، و المحظوط حقاً من عرف حقيقة ذاته فشهد بما شهدت به روحه في عالم الذر.
التصوف هو ترقية النفس البشرية والأخذ بها إلى أعلى مراتب السمو سلوكياً وعملياً، وهو بالأساس فكر فلسفي موجود في كل العقائد الفكرية والشرائع السماوية والأديان غير السماوية أيضاً، ويتلون بحسب القالب الفكري الذي يرتبط به. أما علم الروحانيات فهو مصطلح متعدد التسميات، البعض يربطه بدين معين، والبعض الآخر يراه مستقلاً عن الدين.
أما برأي فهو علم باطني مرتبط بالغيبيات والعوالم الأثيرية المحجوبة عنا والتي لا نراها بالعين كالملائكة والجن والشياطين وغيرها.
وهذا العلم يمكن أن يكون وهبي لدُنّي وبعضه مكتسب بالتعليم، ويمكن أن يخدم الخير أو الشر بحسب مصدره.
وكان منتشراً في الحضارات القديمة كحضارة الفراعنة، وحضارة ما بين النهرين ومنطقة بلاد الشام، كعلم السيمياء والسحر والإسقاط النجمي وغيرها كثير لا علاقة لي به.
أما تأثري بجلال الدين الرومي فلأنه أحد أهم رموز الأدب والشعر الصوفي، وكل ما كتبه يلامس روحي وقلبي، لذا من الطبيعي أن أتأثر به.
أما التصوف بالنسبة لي هو طريق وجداني وجدت نفسي فيه كنوار الإنسانة التي تبحث عن الحقيقة المطلقة في هذا الوجود بعيداً عن الموروث الديني المكتسب، الطريق هو من يختارك وليس أنت من تختاره.
س- إلى أين تسافر الأشواق، وأين ترسو أحلامك؟
تسافر الأشواق دائماً إلى من ملك القلب والروح إلى نبي الرحمة الهادي المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله الأطهار. أما الأحلام واسعة المدى لا ميناء لها.
س- ذكرت سيدتي: ” أكتب لأمشط شعث مشاعري، لأرمم جدار ابتسامتي، لأجدني، لأقرأني… “. كيف ترين الكتابة؟
الكتابة هي أهم فعل إنساني بعد القراءة، وهذا الفعل التدويني أدخل البشرية إلى مرحلة الارتقاء الفكري، لأن الكتابة تحتاج إلى أدوات أساسها العقل، وبالتالي أعتبر الكتابة هي مرآة الكاتب لأنها تعكس فكره ومشاعره وأحلامه وخيباته وصراعاته مع نفسه ومع الأخرين ومع الحياة.
س- في فلسفتك الأديبة “الكتابة رئة ثالثة “، هل تقف هذه الرئة عن العمل يوما ومتى برأيك؟
الإلهام قد يتعطل أحيانا، والشعر تحديداً هو أصعب أنواع الكتابة لأن الشاعر عليه أن يعيش حالة شعورية معينة حتى تخرج منه القصيدة بهذا الدفق الشعوري الخلاب الذي يأسر القارئ. والكلمة حيّة خالدة وإن غاب كاتبها، تبقى هي الأثر الدال عليه.
س- يُصرّ “بيتر هاندكه” على أن الأدب لا يغير الحياة بل يوقظها، بينما يعارضه “ماريو فارغاس” بأن الأدب يمكنه بالفعل أن يغير الحياة، ما رأيك؟
الأدب ينمي الذائقة الحسية عند من يحبه، ويمكن أن يكون له تأثير فكري واسع الطيف عند الإنسان الواعي، ولكن في عصر الإنترنت والسوشال ميديا أعتقد أن مكانة الأدب ودوره في الحياة قد تراجعا لأن السطحية غلبت الناس فأصبحوا يتوجهون نحو الصور الجذابة والأشياء المستهلكة، ولا يوجد إقبال حقيقي على القراءة حقاً.
س- هل يهرب الكاتب من الواقع بأدبه؟
يمكن أن أقول أن البعض يجد في الأدب واحة استجمام ينسى فيها هموم ومشاكل الحياة، لكن لا يمكن الهروب من الواقع الحياتي لا بالكتابة ولا بغيرها.
س- يقول انطونيو تابوكي: “ينسى جيل الشباب أن هدف الكاتب هو الكتابة، لا الظهور والتحول إلى شخصية مشهورة عامة”. هل ترين أن لديه حق في ظل الانفتاح الرقمي والتكنولوجي بأن يستغل البعض الأدب كوسيلة للشهرة؟
يجب أن لا يكون الهدف من الكتابة للشهرة، الكتابة لأجل الكتابة، وأن يكون مضمون الكتابة هادف ذو رسالة إنسانية، وأؤمن أن الكلمة هي من ترفع صاحبها.
س- هل الشاعرة نوار متصالحة مع عمرها أم تخشى التقدم في العمر وخيانة الشباب؟
لا أحد يستطيع إيقاف الزمن أو الرجوع به، كلنا سنكبر، هذه سُنة الحياة، وستظهر علامات الزمن على ملامحنا، ولا أخشى من ذلك. عمري الآن 38 سنة، وفخورة بكل سنة من عمري لأنها اكسبتني ما أنا عليه اليوم، أما بالنسبة للشكل الخارجي فباستطاعة كل رجل وامرأة الاهتمام بنفسه والحفاظ على مظهر لطيف وأنيق بغض النظر عن مسألة العمر.
س- هل فعلا مشاركاتك الأدبية والشعرية في صحف شتى “تطوعية”، ولم لا يمطر الأدب على كاتبه نقودا كما في الفن وغيره من الأعمال الاجتماعية برأيك؟
لا ليست كلها تطوعية، والأدب بشكل عام في بلادنا العربية لا يجعل صاحبه غنياً، لأن الناس هجرت القراءة والكتب منذ زمن بعيد، فلا يوجد ربح مادي يدر الأرباح على الكاتب عندما يطبع كتبه إلا في حالات قليلة.
س- كيف علاقتك مع النقاد والقرّاء والأدباء والأديبات؟
علاقتي جيدة ولطيفة مع الكل، أبتعد عن الأجواء المشحونة بالتوتر، ولا أضع نفسي بميزان المنافسة مع الآخر، فأنا أكتب لأشعر بالسلام الداخلي ولأن الكتابة شفاء للقلب ومنادمة للروح، ولا آخذ آراء النقاد على محمل شخصي، أستفيد من الأراء الجيدة وإن كانت سلبية، وأحاول تطوير نفسي ككاتبة قدر الاستطاعة.
س- كُرّمت ونلت شهادات تقدير على مسيرتك وعطائك الأدبي، ومؤخرا تكريم من الوسيط المغاربي الجزائرية. هل أنصفتك سورية وإعلامها؟
الجميل ألا تنتظر شيئاً من أحد، وأن تفعل الأشياء بحب لأجل الحب فقط
وعندما تأتي تكريمات من داخل أو خارج سورية فهي بمثابة دفع للمزيد من العطاء، وسورية هي الحضن الدافئ الذي يحتضنني في كل شيء.
س- ما سر تركيزك مؤخرا على أدب الطفل؟
انصب تركيزي على أنشطة تفاعلية مع الطفل نفسه، ليتبلور في ذهني مفهوم أدب الطفل، لأستطيع الكتابة عنه وإليه، بجدية وبمعرفة حقيقية.
س- لك مشاركات رائعة في نوادي القراءة المقامة للطفل، هل أثمرت في بناء شخصية الطفل؟
هي محاولات لربط الطفل بالكتاب، وإدخاله إلى عالم القراءة والمعرفة، وأتمنى فعلاً أن أكون قد حققت هذه الغاية في الأطفال، أما بناء شخصية الطفل نفسه فهي تنصب على عاتق الأهل، لكن نحن كأفراد يعملون على الطفل ومن أجله أنا وكل من شارك في هذا النادي بدءاً من السيدة نعيمة سليمان مديرة ثقافة دمشق، والأستاذة ايلزا قاسة مديرة مركز كفرسوسة الثقافي، والأشخاص والجهات التي شاركتنا الأنشطة، نأمل أن نكون قد زرعنا بذرة حب القراءة داخل الطفل، وعلى الأهل رعاية هذه البذرة لتثمر وتزهر وتُؤْتِي أُكُلَهَا.
س- في الكتابة للطفل، تفصلين بين كل فئة عمرية وأخرى، وهذا مهم وجميل، لو أخبرتنا سيدتي بأي فئة تهتمين، وماذا عن مجموعتك القصصية للأطفال هل أبصرت النور؟
أهتم بكل الفئات العمرية، وأفصل بينها بما يتناسب، وأراعي لغة الحوار المناسبة لكل عمر، وبالنسبة لمجموعتي القصصية الخاصة للطفل ستصدر في الوقت المناسب.
س- ما تقييمك لحال التعليم اليوم الموجه لأطفالنا في سورية؟
لا يمكنني الحكم عليه، لأنني لست فيه حالياً، لكن ومن خلال ملاحظتي يتم إهمال الجانب الذي يهتم بتنمية الروح الإبداعية عند الطفل، فتحويل حصص الرياضة والموسيقى والرسم إلى حصص لسد النقص في المواد الأخرى، ليس تصرفاً سليماً، لأن الطالب بحاجة للتوازن بين الروح والمادة في المواد الدراسية.
س- ماذا عن الرواية كجنس أدبي مضاف لأعمال نوار، هل من المتوقع أن تخوضي كتابتها؟
بدأت فيها، وعندما تكتمل و أصل للقناعة بما أكتبه أحوله إلى الطباعة.
الطباعة وتقديم المادة للقارئء أمر ليس سهلاً، لأنه عندما نخرج ما في جعبتنا الأدبية للعموم يصبح ملكاً للناس، ومن هنا علينا ككتاب أن نقدم ما هو لائق وجيد. بالإضافة إلى أنني أحب التنوع فيما أطبعه، قدمت سابقاً 3 إصدارات نثرية، ولا أحب أن أكرر نفسي ككاتبة، كما أن تشتت الكاتب في عدة ميادين أدبية لا يتقنها، لا يخدمه.
س- “خلعتُ الكعب العالي لكبريائي”. هكذا كتبت، بين ثنايا حروفك كبرياء امرأة شاعرة. ما الذي يقدمه الكبرياء لكل امرأة؟
الكبرياء هو شموخ الأنثى، لكن في الحب تختل الضوابط الأساسية للضرورة الشعورية ليستقيم القلب، فتتلاشى الأنا وتذوب في الآخر، ويحكم الحب.
س- كتبت عن السيدة السورية “باسمة الشاطر” مقالا بعنوان: “المرأة النموذج”. ماذا تعني لك السيدة باسمة؟
السيدة باسمة الشاطر مع حفظ الألقاب، هي امرأة استثنائية من الصعب أن يكررها الزمن، لأنها استطاعت أن تحقق إنجازات عظيمة في وقت كانت فيه المرأة لا تزال عورة في مجتمعنا، و كان من المستحيل أن تحقق إنجازاتها لو لم تكن ذات عزيمة وإرادة، وهنا لا أتحدث عن كونها أول امرأة سورية تصل لرتبة لواء في الجيش العربي السوري، وتتولى إدارة الخدمات الطبية في وزارة الداخلية، بالإضافة للعديد من الإنجازات الأخرى، إنما تحقيقها لهذا الأمر وهي أم تزوجت بعمر صغير وأنجبت أطفالا، وأكملت دراستها في كلية طب الأسنان وهي ترعاهم، رغم صعوبة الظروف استطاعت أن تثبت لنا جميعاً أن المرأة قادرة على صنع المعجزات بإرادتها.
س- هل تعرضت مرة للتنمر أو التطاول، وكيف تتعاملين معها؟
لم أتعرض للتنمر بشكل مباشر، ربما عبر صفحات السوشال ميديا، كانت هناك تعليقات ليست بلطيفة، لكني أتجاهلها، ولا أقف عندها، قناعتي أن كل إناء ينضح بما فيه، والناس أذواق بعضهم يحب ما أكتبه و بعضهم لا يحبه، وهذا أمر طبيعي، وبرأي ليس علينا أن نقف عند كل إساءة أو انتقاد أو رأي لا يعجبنا والأفضل ألا نأخذ الآراء المخالفة على أنها هجوم على شخوصنا.
س- والسؤال الجماهيري: البعض يرى أن هناك ثمة فوارق بين أدب الرجل وأدب المرأة، بين قلمه وقلمها، إلى أي حد تصح هذه النظرية؟
يقول نزار قباني: كل كتابة هي أنثى ولو كتبها ذكر. برأي الشخصي لا توجد أنوثة وذكورة في الكتابة، ولا يمكن أن أقول أن أدب الرجل متفوق على أدب الأنثى، تكمن الفوارق في المواضيع نفسها فكل طرف يكتب وفق منظوره الشخصي ويحمل قضايا بني جنسه.
س- في لقاء صحفي أجريته سيدتي مع الدكتور سرجون كرم، والذي أوضح فيه أن ترجمة الأدب أخطر من الأدب نفسه، هل تتفقين معه؟ وماذا عن ترجمة أعمالك إلى لغات أخرى؟
ترجمة الأدب هي من أفضل الوسائل لنشر الثقافة وتصدير الفكر للآخر الذي لا يعرف لغتنا، والخطورة في الترجمة تكمن عندما يتصرف المترجم بمحتوى المادة الأساسية للترجمة ويغير فيها بما لا يتوافق مع أهداف الكاتب الأصلي.
أما بالنسبة لأعمالي هنالك قصائد كثيرة ترجمت إلى الانكليزية و بعضها كتبته باللغة الإنكليزية، وشاركت فيها ضمن سلسلة إصدارات سلسلة طريق الحرير التي يشرف عليها الأستاذ “أشرف أبو اليزيد” الغني عن التعريف.
والكتابة بلغة أخرى أمر ممتع جداً ويختلف عن الكتابة باللغة العربية، من خلال تجربتي البسيطة جداً عندما أحاول كتابة قصيدة باللغة الإنكليزية أجد الأمر أسهل من الكتابة باللغة العربية، لأن العربية تحتوي على قاموس لغوي غني جداً، وتراكيب لغوية أعقد من اللغة الإنكليزية.
س- كتبت مقالة أدبية بعنوان” ليس كل المكياج للتجميل”. عن العنف ضد المرأة، وعن المرأة المعنفة، المجهدة، اليائسة، المكسورة، العاملة والمنسية.
برأيك اليوم أي قضايا المرأة ترين أن الأدب ملزم بتقديمها ومعالجتها؟
الأدب ملزم بكل القضايا الإنسانية، ومن واجبه تسليط الضوء على القضايا العامة التي تهم كل الناس بما فيها العنف بكل أشكاله، و التحرش وتوعية الناس لهذه الجوانب، لكني لست مع طرف ضد طرف، كأنثى كاتبة أحاول أن أكون منصفة وموضوعية فلا أكون ضد الرجل نفسه إنما ضد تصرفات مسيئة من الذكر، ولا أكون ضد المجتمع ككل، إنما أحاول لفت النظر إلى الجوانب المشرقة لبث الأمل في النفوس، وإلى الجوانب المظلمة لإيجاد الحلول لها، فليس مهمة الكاتب الصحفي فقط طرح القضايا، إنما عليه المحاولة للبحث عن حلول مناسبة.
س- كيف يمكن لشاعرة وكاتبة وأم مثلك، أن تحقق معادلة التوازن بين العزلة الملهمة للكتابة، وواجباتها العائلية والاجتماعية؟
ربما من أصعب الأمور كوني أماً لأطفال صغار وعندي التزامات عائلية أن أجد وقتاً هادئاً لنفسي لأستطيع الكتابة فيه، لكن الإصرار والعزيمة وتنظيم الوقت وتحديد الأولويات في الحياة والكتابة ساعدني لأن أنجز ما أريد إنجازه لكن ببطء لأن الوقت الخاص لي لأكتب فيه ضيق جداً.
ومسك الختام:
س- لكل كاتب رسالة أدبية خاصة به، ومن لا يملك رسالة من الصعب أن يستمر. ما رسالة نوار الأدبية؟
طبعاً لابد من رسالة للكاتب ومضمون فكري راقي يحمله في أدبه وفي كل ما يكتبه حتى يستمر، ورسالتي مضمونها إنساني تحث القارئء على الحب والعودة إلى الحب في كل شيء، لإيماني بقدرة الحب على البناء وتخطي كل الاختلافات.
وختاماً أشكرك على هذه الأسئلة النوعية وعلى هذا الحوار الراقي.
تجدر الإشارة إلى أن الكاتبة “نوار الشاطر” من مواليد “دمشق” عام 1984، حاصلة على إجازة في علم الحياة من جامعة دمشق، اختصاص “ميكروبيولوجي”، عملت لمدة عام مساعدة مشرف في جلسات العملي في كلية العلوم جامعة دمشق، حاصلة على شهادات تكريم من جهات متعددة عملت معها كإعلامية أو كاتبة، منها اختيارها سفيرة ممثلة للبيت الثقافي الهندي في “السعودية”، وسفيرة ممثلة لعلوم الأهرام، وممثلة دولية للمركز الدولي لعلوم الأهرام وأخلاقيات العلم في “مصر”، وشهادة تقدير من مشيخة “الطريقة القادرية العليا” في “العراق” عن كتابها “كوكب دري”.

#سفيربرس _ إعداد وحوار : هبة عبد القادر الكل

سفيربرس _ الأديبة نوار الشاطر
إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *