الصحافة ليست مهنة .. بقلم : المثنى علوش
#سفيربرس

يخطر في بالي كم النكات الهائل التي سمعناها و التي قد نسمعها من أشخاص، فإما نضحك أو لا نضحك أو نضحك مجاملة للراوي …
و هذا بسبب أن النكتة إذا ما تم العمل عليها و استخراجا من الذهن عن طريق الطلب و البحث عنها تتحول إلى هراء ليس إلا.
و كذا هو الحال بالنسبة لكل الأفكار الإنسانية المطروحة للجمهور، فقد تكتسب شعبية كبيرة و واسعة فنقول عن مؤلفها أنه مبدع،
لينطبق هذا على القصص و الروايات بمختلف أنواعها و تصنيفاتها.
و بالمشاهدة و التجربة إن كانت الشخصية أو مما لمسناه خلال الفترات الماضية من قصص و مؤلفات و أعمال، كلها كانت فكرة و توسع بها مؤلفها لتصبح عملاً فنياً، بدءاً من النكتة و انتهاءً برواية أدبية متكاملة .
و في الغالب فإن الفكرة الإبداعية التي حضرت من تلقاء نفسها على ذهن المؤلف، نراها باقية و حية و تنبض ولو مر عليها مئات السنين. و في المقابل فإن الأفكار التي انشغل مؤلفها بنسجها و صناعتها و استدعاها رغماً عنها نراها ميتة و مملة و طرحت نتيجة ظرف ما رافقها جعلها تخرج للعلن .
هذا الإستنتاج ينطبق كذلك على العمل الصحفي… فالمادة الصحفية هي حالة إبداعية بحتة و ليست مجرد عملية نقل للخبر أو حضور حدث معيّن و نقل تفاصيله للجمهور . فالصحافة هي فن صياغة الخبر بحد ذاته و ترتيبه بحيث يخرج للجمهور بسلاسة محققاً الغاية المرجوة منه .
و في الصحافة البحثية يتكثف الإبداع أكثر و أكثر و يصبح الصحفي الباحث تحت مظلة أفكاره الخلاقة بشكل كامل، فعليه الوصول للمعلومة بشكل موضوعي و من ثم البدء بالمرحلة الصعبة جداً ألا و هي أن يبتدع الفكرة المثالية و المميزة لإيصالها إلى الجمهور و المجتمع .
في الصحافة الثقافية يتحول الصحفي إلى مؤلف بشكل كامل و يكتب الفكرة التي خطرت في ذهنه بحرفية عالية لتكون أشبه بالنواة تنطلق منها مئات الأفكار و القصص . و كثيراً من كتاب المقالة الثقافية هم أصحاب أعمال درامية و فنية لاقت نجاحاً منقطع النظير إلى يومنا هذا، و هناك أنظمة سياسية و اقتصادية قد نشأت بفعل مقالة أدبية لا تتجاوز العشرة أسطر .
لذا فإن الصحافة ليست ( مهنة) إذا ما قارناها بباقي المهن التي ظهرت عبر التاريخ، بل هي شغف و موهبة التصقت بصاحبها، و لا تصلح أن تكون مكتسبة مطلقاً..
و في الواقع العملي فإن معظم الصحفيين الحقيقيين لا يتقاضون مردوداً مادياً لقاء جهدهم و سهرهم إلا ما ندر بسبب ظرف أو حظ رافق بعضهم، و هم رغم ذلك عظيموا الشأن و فخورون بما قدموه، لأن عملهم إبداعي و فني بالدرجة الأولى…
# سفيربرس _ بقلم : المثنى علوش