إعلان
إعلان

الفطنة الوجدانية.. بقلم: د. إلهام التهامي

#سفيربرس

إعلان

لقد عالج القرآن الكريم التكوين النفسي والروحي والجسدي بأسلوبه المعجز وألفاظه المحكمة قبل ألف وأربعمائة سنة، ولم يترك العواطف البشرية دون تهذيب أو تنظيم، بل اهتم بها وعالج تفاصيلها. ولأن الإنسان وُجد على هذه الأرض لكي يعمرها كان لا بد من السمو الأخلاقي والوجداني حتى يحقق الغاية السامية التي خلقه الله تعالى لأجلها وسخر له ما في البر وما في البحر حتى يبني الحضارة، والمجتمع المدني الراقي وجدانياً، واجتماعيًا، واقتصاديًّا..

قال تعالى: “وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ﴿النحل ٧٨﴾

ولقد عنيت الشريعة الاسلامية بالجانب العاطفي، اذ تحرص على تنقية سريرة الإنسان من الضغائن والشرور، والتحلي بالنوايا والمقاصد والغايات الحسنة مما يكفل الرقي والسمو بالإنسان. وفي ذلك قمة الذكاء المعرفي والعاطفي، وقمة التكامل في بناء الشخصية السوية، فالاعتناء بالعواطف هو أمر ديني لم يغفل عنه الاسلام. وعلى أثر ذلك ظهرت في الآونة الأخيرة دراسات وكتب تتحدث عن الذكاء الوجداني والذي تبيّن بأنه يساهم بأكثر من ثمانين بالمئة في تحديد مدى احتمالية نجاح الفرد أو فشله في الحياة. في حين أن الذكاء التقليدي أو العقلي يساهم بأقل من عشرين بالمئة.

ويمكننا تعريف هذا النوع من الذكاء (الفطنة الوجدانية) بقدرات خمس:

أولاً: قدرة الشخص على معرفة وفهم مشاعره.
وذلك بمراقبة مشاعره أثناء حدوثها وإدراكه لأسبابها وفهمه لإبعادها في سكونها وتقلباتها، والأشخاص الأكثر تفهما لما يشعرون وتيقناً بصحة فهمهم وإدراكهم لها هم اكثر قدرة على إدارة دفة حياتهم وأكثر ثقة في قراراتهم.

ثانياً: القدرة على التحكم بالمشاعر.
ولا تتحقق هذه القدرة إلا بتحقق القدرة الاولى، والأشخاص الأكثر قوة في التحكم في مشاعرهم هم أكثر قوة على النهوض بعد السقوط والتغلب على المحبطات والنكسات.
يقول ديباك شوبرا: “في وسط الحركة والفوضى، حافظ على السكون داخلك”

ثالثاً: القدرة على حفز النفس على العمل.
وذلك لتحقيق الأهداف والتغلب على النزوات والشهوات وتقديم العمل وتأخير الراحة، والقدرة على الاندماج في العمل والذوبان فيه بكل العواطف والمشاعر.

رابعاً: القدرة على ملاحظة وفهم وادراك العواطف والمشاعر الإنسانية لدى الآخرين.
فالأشخاص ذوو القدرة العالية على ذلك قادرون على التقاط وملاحظة التغيرات الاجتماعية البسيطة فيمن حولهم وفهم احتياجاتهم النفسية، وهم بذلك أفضل من غيرهم في أعمال كثيرة تتطلب التعامل مع البشر.

خامساً: القدرة على التأثير في الآخرين وبناء العلاقات والمحافظة عليها.
وهذه القدرة هي التي تحدد مدى شعبية الشخص وتقبل الناس له وتحدد أيضاً قدرة الشخص على الرئاسة والقيادة.
“فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم” يوسف ٧٧

والخطير في الأمر أن كثيراً من الآباء والأمهات لا يدركون أن هذه القدرات الخمس تتكون في السنوات الأولى من حياة الطفل وما فقد منها يصعب استدراكه.

# سفيربرس _ بقلم : د . إلهام التهامي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *