إعلان
إعلان

كتب الدكتور أحمد حافظ …في .. ” حيث لا ضوء إلا أحداق الذئاب”

إعلان

تتناسخ الأوبئةُ من مخابر التدجين، تُطمَسُ التواريخُ بأحذية الجنرالات، وتتمزق الجغرافياتُ بالمشارط النووية.
وتبدو البشرية ـ سواءٌ أنَظرتَ إليها من قعرِ الكابوس أم من أعالي الأمل ـ تجمعاتٍ متلاطمة في(الغابة الكونية).
وكما في كلِّ غابة:
لا تُنالُ اللقمةُ هنا إلاّ افتراساً أو نهباً أو كدحاً بين الألغام.
لايُروى الظمأُ إلاّ من ندى سريعِ التبخُّر،أو من بحيراتٍ عكَّرَتها الثعابين، أو من ينابيعَ تَرصدها الوحوش.
ولا تُطْلَقُ الأغاني إلاّ هديلاً بين الحرائق، أو تدعيماً للأعشاش، أو إغراءً لمُطْفِئات الشهوة.
يدور الزمن على إيقاع الصراع اللحظيِّ المستمر بين الكاسر والأليف.
تتشكَّلُ الأمكنةُ مِن نتائج المواجَهة بين العواصف والشجر.
ويتوزَّع الهواء: ظِلالاً على الوحوش المتخَمة، صقيعاً على الأسراب المهاجرة، سِياطاً على الحشود الراعيةِ بصمت.
الأعالي: غيومٌ تُشَيِّع السنونو إلى المنافي،
مغاور تدوِّنُ فيها النسورُ حكمتَها،
وأبراجٌ تتيح للغربان رصدَ ساحاتِ الجرائم.
والسفوح: أسواقٌ لملءِ خزائنِ الرغبات،
مَعاهِدُ لتلقينِ مهاراتِ الصيد والفرار،
ومَلاهٍ لعَرْضِ الفنون المزخرِفةِ حوافَّ الهاوية.
قَبْلَ داروين، أدلى ابن خلدون دَلْوَهُ في(أصل الأنواع) فرأى أن» أولَ أُفقِ الإنسان متصلٌ بآخِر أفق الحيوان». هل خطر بباله أن يصل (آخِرُ أفق الإنسان) إلى هذا المضيق:
أيدٍ مثالُها الأعلى، في السرعة والدقة، مقصّاتُ الجراد.
حواسّ شغوفة بأن تَكتسِبَ مواهبَ الخيول في تمييز السموم واستشعارِ الزلازل.
عقولٌ كأجنحةِ الخفافيش: لا تَعمل إلاّ في الظلام، ولا تَهتدي إلاّ بالصدى.؟!

# سفيربرس ـ بقلم : د. أحمد حافـــــــظ
من كتاب ” حيث لا ضوء إلا أحداق الذئاب” – دمشق 2011

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *