إعلان
إعلان

مآلاتُ العُبورِ السُّورِيِّ الأخيرِ.. ما مِنْ دَمٍ كهذا . . . (2) _ بقلم : د.منصور جاسم الشامسي

#سفيربرس _ الإمارات العربية المتحدة

إعلان

يَرْشَحُ الدَّمُ مِنْها/
ما مِنْ دَمٍ كهذا . . .
جَريحةً/
على جَوادِها، في زِيّ عُرْسِها
. . . / وَحْدَها
على الماءِ تُكابِدُ
والِرّداءُ مُمَزَّقٌ
لَيْسَ هناكَ سِوى عَصافيرَ تُغَنّي لها/
قُرْبَ الدِّماءِ تَطيرُ
وكَفٌّ تلوِّحُ لصديقٍ بَعيدٍ يُسابقُ الحَمامَ يَجْهَدُ
عَلَّهُ يَعْبُرُ/
قيلَ له: لا تَقْتَربْ
كُلُّها الأرْضُ هُنا اشْتِعالٌ
نِهاياتٌ
دَعْ سوريا تَموتُ بَيْنَ المَسافاتِ/

كَيْفَ تَفْرحُ دِمَشْقُ؟
. . . / كانتْ قد ذَهَبَتْ بِقلْبِها تَشْتري لِصغارِها حَلْوى ولُعَباً، فانْفَرَطَ العِقْدُ، وذابَ القَلْبُ وتَخَدَّش، واعْتَلَتِ النَّوافيرُ، ما أثْناها عَنِ المَسيرِ سِوى الأحْكامِ السُّودِ، وزَوالِ الجَبَلِ في إثْرِهِ السَّهْلُ؛ تقول:
“مالَتْ عَلى الجُدران يا أبْنائي
مِنْ جِهاتِها الأرْبَعِ
فَلَبِسْتُ دِمائي
فلا مُلوكٌ بِجانبي ولا شُعوبٌ
وكُلُّ بابٍ مُوصَدٌ
ومِتُّ قَبْلَ المَوْتِ ومِتُّ بَعْدَ المَوْتِ
والكَوْنُ يَشْهَدُ
فضاعَتْ تُحَفي وأبْهائي
ووُجودٌ صُغْتهُ مِنْ ذَهَب
مُبَعْثرةً غَدَوْتُ بَيْنَ مَتاهةٍ ولَهَبٍ في مَدائني
وفَوْضى وَثَنِيَّةٍ عِنْدَ كُلِّ بابٍ
وكَوْثرٍ مُعطّلٍ وسُقوط رسْمٍ،
ويَرْثيني كُلُّ زَمَنٍ،
أهْو حُلْمٌ تَبَدَّدَ ؟”

لِمَنْ إذَنْ أُشْعِلُ هذا البَرْقَ؟
كَيْفَ يَدْنو مِنْها البُراقُ؟
رَحَلَ الوَمْضُ/
مَدائنُ الآموريّين والأُمَويّين والعَبّاسيّين في حِصارٍ
والخُيولُ مَشْغولَةٌ، لا تَسْتَريحُ،
كُرْسِيُّ الخِلافَةٍ خاوٍ
فالإمامُ قَتَلوهُ/
وكُرْسِيُّ الرَّحْمن غاضِبٌ
والمَلائكُ تَحْتَشِدُ
والفَاجِعَةُ تَشْتَدُّ
والدُّنْيا اضْطّرابٌ
والْتَفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ/

وقُلْتُ: اصْبِرْ/
يا مَوْتُ لا تَسْتَعْجِلْ/
إنَّ لَنا في دِمَشْقَ راياتٍ
مَنْصوبةً تَحْتَ قَمَرٍ
يَقُصُّ رؤاهُ والحِكاياتِ
عَنْ مَوْتٍ كالحَياةِ، عَنْ حَياةٍ كالمَوْتِ
راياتٍ لا تَزولْ/
كالفُصولْ/
مَعْقودةً لِفَتْحٍ ساحِرٍ مُلَوَّنٍ سابحٍ
لا تَسْقُطُ في فَراغِ النَّكْبَةِ/
الوَطَنُ لايزالُ يَعْقوبَ المُنْتَظِر
وكُلُّ سوريا يوسُفِيّة/
وقُلْتُ: يا مَوْتُ انْتَظِرْ

دِمَشْقُ مازالتْ مُثْقَلَةً بالبَقاء الآسِرِ، لا تَخْرُجُ مِنْ لَياليها، تُوقِظُ الشَّمْسَ كَيْ تُشْرِقَ
تُورقُ القُلوبُ الوَضيئةُ الدّافئةُ سابِحَةٌ، كَطائرٍ باسِطٍ جَناحَيْهِ
سَفائنُ راحِلةٌ، مكانُها كُلُّ الأرضِ، لا تَنامُ،
شاهِدَةٌ، لا تُخْطئُ دُروبَها
تَكْتُب قِصَصَها،
وتَعْقِدُ الظِّلالَ
ظِلّاً ظِلّاً،
تَتَشابَكُ الأظِلَّةُ وتَتَشَكَّلُ الصُّوَرُ
صُورةً صُورةً،
حتّى يَنْهَضَ العالَمُ الجَديدُ مِنْ زَعْفَرانٍ مُوَشّى؛
– هَلْ تَراهُ؟
أمْ مازالَ مُسْتَعْصِياً على التَّشَكُّلِ
كَأنَّهُ مُسْتَحيلٌ وآنِيَةٌ مِنْ لَهَبْ؟
هَذا السُّؤالُ مِنْ ذَهَبْ
هُو ذا العَالَمُ رُكامٌ
لَيْسَ عَربيّاً حَتّى الآنَ/
كُلَّما لاحَ بَرْقٌ حَدَثَ انْشِطارٌ
كُلَّما جاءتْ غَيْمَةٌ باغَتَها الفَناءُ

ودِمَشْقُ تُكوِّرُ في راحَتَيْها شَكْلَ الجَمالِ
صَيَّرْتْهُ طريقٍاً عَربيّاً
يَصِلُ إلى كُلِّ مَكانٍ
ماءٌ لا يَسْألُ عَنْ مائهِ
وافِرٌ
زاخِرٌ/

# سفيربرس _ بقلم : د.منصور جاسم الشامسي
شاعر الإمارات العربية المتحدة

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *