إعلان
إعلان

الإدارة العامة وتكتـــيكات التطـــفيش. ـ بقلم : عــدي سلــطان

#سفيربرس

إعلان

صدفة جمعتني بأحد العاملين في الدولة، وأثناء مروري من ساحة السبع بحرات بدمشق صباح أمس قاصداً دوار الشهبندر حيث تقع أحد الهيئات الحكومية لم أتبين اسمها إذ كنت مستعجلاً، خاصة أنني أحرص على المشي من جهة اليمين تحاشياً من السيارات المسرعة، سمعت صوتاً يناديني من الخلف ..أستاذ سلطان ..أستاذ سلطان! فقلت له: تفضل.. أستاذ مو حضرتك اللي بتطلع بالبرنامج تبع الإعمار؟ إي أهلاً وسهلاً..أنا ..تفضل شو فيني اخدمك ..
أستاذ: والله رايح قدم استقالتي..وكتير من زملائي ح يقدموا استقالاتن ..دوام مو طبيعي ..وضغط عمل مو طبيعي..وما في تعويضات ..وتعسف وتهميش واستغلال وتسلط….وحديث لا ينتهي ..
نموذج يحكي قصصاً مأساوية كثيرة في بعض مؤسساتنا وإداراتنا العامة .. “فعندما يصبح المسؤول “حديث العهد والنعمة” سيفاً مسلطاً على رقاب الموظفين، ليلبي غروره وطموحاته الحمقاء، وليس لتنفيذ رؤية وهدف المؤسسة، تقع المصائب. وعندما يضرب بحقوق الموظفين، عرض الحائط وتصبح مجرد ورقة يبلها الموظف ويشرب ماءها، لأنها بلا قيمة تذكر، يجد الموظف نفسه منبوذاً في مؤسسته.. ولا حياة لمن تنادي!”…والنتيجة : استقالات بالجملة ..(مرفوضة).
أجل أيها السادة..الكثيرون من الموظفين يتركون وظائفهم بسبب “المدير” قبل أي شيء آخر، حتى لو كانت هذه الوظيفة تضمن لهم مزايا مادية واجتمـاعية، وهي النتيجة التي تتوافق تماما مع المقولة الإدارية القديمة: الموظف يترك المدير ولا يترك الوظيفة.
ومن أسوأ الصفات التي يتحلّى بها بعض المديرين ذوي الاتجاهات الإدارية والشخصية الشاذة والتي تؤدي غالبا إلى شعور الموظفين بالمعاناة. هذه المعاناة التي تتوسّع ليصبح من المستحيل تحمّلها في بعض الظروف، وتقود الكثيرين منهم إلى التفريط في البقاء في وظائفهم رغم ما تحمله من استقرار اجتماعي لهم، والبحث عن وظيفة أخرى هربا من جحيم المُدير المُشرف عليهم.
تأتي في مقدّمـة السلوكيـات السيئة للمديرين حديثي النعمة، في وزارتنا ومؤسساتنا العامة والتي تعتبر السبب الأول في نفـور الموظفين من الوظائف، هو “استيلاء” المديرين على نتائج أعمالهم وتقديمها للجهات العليـا باعتبارها أعمالهم هم. بمعنى آخر، سرقة مجهود الموظفين ونسب أعمالهم إلى المدير نفسه للاستفادة بها إداريا أو تسويقيا أو حتى لإرضـاء نفسه ذاتيا.
ومن أكثر الصفات التي تُثير استياء الموظف هو شعـوره أن مديره لا يثق إطلاقا فيه لتعيينه في تلك الوظيفة، ناهيك بإيكال مهمة معينة له لأدائها. هذا الشعــور بعدم الثقة الذي يُكنّه المدير للموظف، يجعل الموظف نفسه غير واثق في نفسه لإنجاز المهمة، كما يضع عليه عبئا هائلا بالشعور طوال الوقت أنه لن يستطيع أداء المهمة كما ينبغي وأنه تحت المراقبة، وأن مديره يتشكك في إمكـانياته طوال الوقت.
ومن أبشع سلوكيات المديرين صفــة المدير الذي لا يهتم إطلاقا بقيام الموظف ببذل المزيد من الجهد في العمل، وربما لا يعتبر أصلا أنه قد بذل جهدا إضافيا. وهذا أسوأ سلوك يقوم به المدراء (الحمقى) ويثير استياء الموظفين بشكل كبير. فالموظف الذي يبذل المزيد من الجهد، يتوقع المزيد من الاهتمام والثناء والتقدير من المدير، ويصاب بخيبة أمل هائلة عندما يجد أن المدير لم يلاحظ أصلا أنه قام بأي مجهود إضافي، خصوصا إذا كان هذا السلوك مستمرا من قِبل المدير وليس لحظة سهو.
وما يزيد الأمر سوءاً هو سلوك بعض المسؤولين (حديثي النعمة) في عدم اهتمامهم بمنح الموظفين أي زيادات أو دعم أو تحفيز مادي أو معنـوي لأنهم أساسا لا يعتبرون أنه يقوم بعمـل يستحق الدعم. في النهاية لا يلاحظون أن الموظف يبذل المزيد من الجهد، وبالتالي لا يهتمون -بقصد أو بدون قصد- بدعم الموظف ماليا أو معنـويا مقابل إنجازاته أو جهده الزائد.
أما المصيبة الكبرى فهي القرارات الخاطئة في تعيين وترقية “الأشخاص الخطأ” حيث يقوم البعض ممن ملكوا القرار(صدفة) في مؤسساتنا العامة، بمكافأة موظف لا يعمل بشكل كافٍ مقابل موظفين يعملون بجهد كبير، أو يقوم المدير بتوظيف شخص ناقص الكفاءة بشكل ملحوظ، ويترك ذوي الكفاءة بدون تعيين، مما يجعل الموظفين يشعرون بعدم الثقة والاستياء والشك في قرارات المدير بشكل عام.
في النهاية، وجود هؤلاء المسؤولين (حديثي النعمة) في وزاراتنا ومؤسساتنا العامة، لا يعني بالضـرورة خلق بيئة عمل فاشلة، ولكن يعني بالضـرورة أنها مُسمّمة. وبالطبع يكون احتمال حدوث مشاكل كبيـرة فيها وارداً طوال الوقت، خصوصا إذا كان هذا المدير حديث العهد والنعمة يمتلك منصبا إداريا بصلاحيات واسعة، قد تصل أحيانا إلى استقالات جمـاعية أو انهيارات مفاجئة في مستويات الأداء، بل وأحيانا تعمّد الموظفين العمل بكفاءة أقل كنوع من الانتقام من هذا المدير.
أفكار جالت في خاطري حتى وصلت وجهتي، وقد امتلأ وجهي بملامح الحزن والتشاؤم، فاستبدلتها بابتسامة التفاؤل عندما نظرت إلى علم الوطن يرفرف فوق إحدى الأبنية وبجانبه صورة قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد مع مقولته” غيرتكم على وطنكم التي تعبرون عنها كل يوم، وبشكل أكثر وضوحا في أوقات الشدة، تشعرني بمزيد من الثقة وتمدني بالعزيمة”
الإعلامي: عدي سلطان – التلفزيون العربي السوري
دمشق 21-2-2020

#سفيربرس ـ بقلم :الإعلامي عدي سلــطان

التلفزيون العربي السوري

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *